دمشق_سوريه24
اثنتا عشرة سنة على رحيله وما زال الموسيقار صلحي الوادي هو الغائب الحاضر بمؤلفاته المهمة والتطويرية في الموسيقا الكلاسيكية والعربية وتلامذته الذين أصبحوا موسيقيين كبار يشار لهم بالبنان.
صلحي الوادي الذي ولد في بغداد عام 1934 اختار دمشق لإقامته منذ أن شب حيث وجد بها متنفسه في الموسيقا والحياة درس الموسيقا في المعهد الملكي ببريطانيا وفي عام 1960 تولى إدارة المعهد العربي للموسيقا بدمشق وعلى يده أصبح مؤسسة تضخ دماء جديدة في المشهد الفني السوري واضعاً كل جهده وإمكاناته وإذ بالأطفال الصغار الذين احتضنهم الوادي بحنو الأب أصبحوا عازفين وموسيقيين لا يشق لهم غبار.
كان حلمه أن يصبح في دمشق معهد عال للموسيقا وفرقة سيمفونية وناضل من أجلهما حتى تحقق له ذلك بجهده وتعبه وصب فيهما عصارة حياته فنالا سمعة عربية وعالمية.
العميد مؤسس المعهد العالي للموسيقا لم يكن يجيد العزف بالكمان ولكنه كان عازفاً ولم يكن يجيد ضرب ملامس البيانو ولكنه كان يعزف به ويؤلف له وكان يعرف أسرار كل آلة موسيقية في العالم إضافة إلى معرفته بالسلالم الموسيقية الغربية والعربية والشرقية والهندية والصينية واليونانية والإفريقية معرفة تامة وامتلك مكتبة موسيقية تضم آلاف الكتب والأسطوانات والمدمجات والتسجيلات والمدونات.
وناهز عدد الحفلات التي قدمتها الفرقة السيمفونية بقيادة الموسيقار صلحي الوادي الأربعين على مدى عشر سنوات عزفت خلالها أعمال المؤلفين العظام في مختلف أنحاء الوطن العربي والعالم مبرزة وجه سورية الحضاري الذي تحدثت عنه كبرى الصحف الدولية واصفة عازفات وعازفي الفرقة السورية وأداءها بأنهم خير سفير لسورية الحضارة.
الحائز على وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة أبدع في تأليف لغة موسيقية لم يتناولها غيره من المؤلفين العرب على الأقل والإبداع الذي هدف إليه منذ سبعينيات القرن الماضي سعى إليه بدأب تجاوز زمنه وهذا الإبداع موجود في مؤلفاته الموسيقية التي تضم كما وفيراً من المقطوعات الخاصة بالبيانو وموسيقى الحجرة واوركسترا السيمفونية إضافة إلى إبداعه في أعماله الأوركسترالية كما وضع موسيقى لعدد من الأفلام السينمائية ولمسرحيات لشكسبير.
ومن مؤلفاته سبع مقطوعات للبيانو ألفها بين عامي 1950 -1960 ولها أهمية خاصة عنده لأن تأليفها اقترن بتعرفه على عازفة البيانو الانكليزية القديرة سينثيا مايرون ايفرت التي أحبها وتزوجها كما أن تأليفه لهذه المقطوعات جاء بعد دراسته المستفيضة لاتجاهات الموسيقار الهنغاري بارتوك في الفولكلور الموسيقي للشعوب.
وللوادي جملة آراء يجدر التوقف عندها منها وصفه للموسيقى العربية بأنها غنائية أي تعتمد على عنصر واحد وأن للموسيقى ثلاثة عناصر أساسية لأزمة وضرورية هي الانسجام الهارموني واللحن والإيقاع فضلاً عن دعوته إلى تشجيع التربية الموسيقية في البيت والمدرسة وأن يقوم على تدريسها الشباب المثقف والمتخرج من المعاهد الموسيقية .
الوادي الذي أصيب بنزيف دماغي حاد وهو يقود الفرقة السيمفونية في نيسان 2002 خلال حفل بقصر المؤتمرات عانى من آثاره حتى رحيله في الثلاثين من أيلول عام 2007 لتفقد الموسيقا الكلاسيكية في سورية عميدها الذي له أياد بيضاء في تشكيل النواة التي أصبحت فيما بعد الكتلة الموسيقية سواء من ناحية التأهيل أم من ناحية التنفيذ منذ ستينيات القرن الماضي
وقد يهمك أيضا: