البنك المركزي الصيني

أشارت مسوح أنشطة المصانع في الصين إلى تحسن طفيف في سبتمبر (أيلول) الماضي مع زيادة الطلب المحلي، لكن المحللين يعتقدون أن المكاسب لن تستمر طويلا في ظل تباطؤ السوق العقارية واستمرار التوترات الشديدة في محادثات التجارة بين الصين والولايات المتحدة.

وعزز الضعف المستمر في القطاع الصناعي الضخم في الصين توقعات السوق بأن بكين تحتاج لتبني مزيد من إجراءات الدعم لتخفيف أثر أسوأ تباطؤ اقتصادي تشهده البلاد؛ حتى لو قاد لتراكم مزيد من الديون.

وبحسب مكتب الإحصاءات الوطني، صعد مؤشر مديري المشتريات الرسمي إلى 49.8 نقطة في سبتمبر، في تحسن طفيف عن المتوقع، ليرتفع من 49.5 نقطة في أغسطس (آب) السابق، لكنه يظل أقل من مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش.

وتوقع المحللون في استطلاع أجرته «رويترز» استقرار المؤشر. لكن الاقتصاديين حذروا من أن التعافي لن يدوم على الأرجح، وتوقعوا مزيدا من الضعف في المستقبل. وقال الاقتصاديون لدى نومورا في مذكرة: «نعتقد أن مؤشر مديري المشتريات في قطاع الصناعة الرسمي سينخفض مرة أخرى وسيعود التباطؤ الاقتصادي للظهور وستصبح الأسواق (المالية) أشد تقلبا في الأشهر المقبلة».

وخفضت نومورا توقعات النمو للصين في الربع الثالث إلى 5.9 في المائة، وفي الربع الأخير إلى 5.8 في المائة، مقارنة مع 6.2 في المائة في الربع الثاني. مشيرة إلى استمرار ضغوط الرسوم الأميركية وتباطؤ الإنتاج الصناعي، ووجود دلائل على أن الاستثمار في العقارات والبناء قد يبدأ في التباطؤ.

وعاد إجمالي طلبيات التوريد الجديدة، الذي يشمل الطلب المحلي والخارجي، للصعود في سبتمبر للمرة الأولى في خمسة أشهر، وفقا للمؤشر الرسمي... لكن الزيادة كانت هامشية. فضلا عن ذلك، كان الطلب للتصدير ضعيفا، وتراجعت الطلبيات للشهر السادس عشر على التوالي لكن بوتيرة أقل.

وأظهر مسح منفصل لأنشطة قطاع الخدمات استمراره في النمو. وسجل مؤشر مديري المشتريات للقطاع غير الصناعي 53.7 نقطة، بانخفاض طفيف عن مستوى أغسطس البالغ 53.8 نقطة.


لكن مؤشراً مستقلاً هو مؤشر كايكسن الصناعي لمديري المشتريات، كان أكثر تفاؤلاً، إذ عكس تحسنا متواضعا في ظروف التشغيل الإجمالية خلال شهر سبتمبر، مع توسع الإنتاج وإجمالي الطلبات الجديدة بمعدلات أسرع من الشهر السابق. وارتفع مؤشر كايكسن من 50.4 نقطة في أغسطس إلى 51.4 نقطة في سبتمبر.

وتخوض الولايات المتحدة والصين حربا تجارية متصاعدة من أكثر من عام، حيث تبادل أكبر اقتصادين في العالم فرض رسوم جمركية مشددة على مئات مليارات الدولارات من البضائع المستوردة في إطار التجارة الثنائية بينهما.

وكانت وزارة التجارة الصينية قد أعلنت الأحد اعتزام وفد تجاري صيني برئاسة نائب رئيس الوزراء ليو هي السفر إلى واشنطن خلال الأسبوع الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري لإجراء محادثات مع المسؤولين الأميركيين بشأن النزاع التجاري القائم. كما ذكرت شبكة «سي إن بي سي» التلفزيونية الأميركية أنه من المقرر بدء المفاوضات يوم 10 أكتوبر من الشهر الحالي. وكانت الولايات المتحدة والصين قد تبادلتا تعليق زيادة الرسوم على بعض السلع بهدف توفير أجواء مناسبة للمفاوضات. وأشار مؤشر كايكسن إلى أنّ الثقة بين منتجي السلع لا تزال «ضعيفة» مع استمرار المخاوف بشأن نتائج المفاوضات التجارية الأميركية الصينية التي يتوقع أن تستأنف الشهر الجاري في واشنطن.

واستبعد المحلل جوليان إيفانز بريتشارد من مكتب «كابيتال إيكونوميكس» للدراسات، أن تشكل البيانات الإيجابية مؤشرا إلى بداية تحول. وتابع «ليس من المتوقع أن يسجل الطلب العالمي مزيدا من التراجع فحسب، بل إن التراجع المرتقب منذ زمن طويل في قطاع بناء العقارات بدأ». وأظهرت بيانات حكومية صدرت في وقت سابق من هذا الشهر أن الناتج الصناعي نما بنسبة 4.4 في المائة على أساس سنوي طوال شهر أغسطس الماضي، متراجعا إلى أدنى مستوياته منذ 17 عاماً بالمقارنة مع 4.8 في المائة في يوليو (تموز) السابق عليه.

وفي سبتمبر الماضي، خفض البنك المركزي الصيني نسب متطلبات الاحتياطي للمصارف المحلية، حيث حرّر نحو 126 مليار دولار لتعزيز الإقراض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وتأتي تلك النتائج بينما حذر محللون نهاية الشهر الماضي من أن النمو الاقتصادي في الصين قد ينزل عن الحد الأدنى لهدف بكين لعام 2019 البالغ ستة في المائة، في الربع الثالث من العام أو في العام المقبل، لكن خبراء الاقتصاد بالحكومة أكثر تفاؤلا بقليل، حيث يتوقعون أن يساهم التحفيز في تجنب تباطؤ أكثر حدة.

ويرجح خبراء الاقتصاد مزيدا من التباطؤ للنمو الاقتصادي الصيني في الربع الثالث، مقارنة مع الفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) التي سجل فيها النمو أضعف وتيرة في نحو 30 عاما عند 6.2 في المائة. غير أنهم اختلفوا على استمرار اتجاه التباطؤ على الرغم من مجموعة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على صعيد السياسات.

وقد يهمك أيضا:

ترامب يدفع أسواق العملات والسلع والأوراق المالية في جميع أنحاء العالم نحو التراجع