دمشق - سانا
دفعت المخرجة والكاتبة سوزان علي بمسرحيتها “كحل عربي” إلى محترف مصطفى علي في دمشق القديمة معوضة عن مسرح الإطار بمسرح الأماكن البديلة في عرض لعبت بطولته الفنانة روجينا رحمون مستبدلة منصة العلبة الإيطالية بحجرة وزعت فيها مطارح اللعب من غير الركون إلى صيغة الجدار الرابع في عملها على علاقة الممثل بعناصر اللعبة المسرحية.
العرض الذي كان نتيجة ورشة مفتوحة منذ ستة أشهر سرد حكاية فتاة قضى جميع أفراد عائلتها في تفجير إرهابي ليكون العرض بمثابة استعادة لحياة كاملة روتها علي على لسان ممثلتها الوحيدة عن ذكريات الطفولة والحب والجيران عبر تعدد في أصوات الراوي والانتقال بينها بسلاسة نحو التعليق عليها من وجهة نظر الشخصية التي بدت وكأنها تعيش نوبات نفسية وعاطفية متصاعدة بين ذكريات الحب والحرب.
ووظفت مخرجة العرض تقنيات سردية لرواية قصة شخصيتها تارة عبر مونتاجية مشهدية بالخطف خلفا وتارة أخرى عبر مونولوج داخلي عميق جعلت فيه المخاطب الغائب مزيجا من الأشياء والأفكار والأضواء والأصوات فالتلفاز والمرآة والخزانة والصور والأثواب والسرير وماسورة الماء المعطلة جميعها تشاركت الحوار معها فيما يشبه أنسنة تخطى من خلالها العرض التوقعات نحو ما يشبه وثيقة عن فوتوغرافيا الحرب والتمزق بين البقاء والرحيل.
وساندت كل من سينوغرافيا سهى العلي وإضاءة أدهم سفر هذه التجربة المسرحية جاعلة من الفضاء ما يشبه مشيمة لعواطف الشخصية وتقلباتها الانفعالية لتواكب موسيقا جمال تركماني هذا الحفيف المضني لأدوات الممثلة الشابة روجينا رحمون مفسحة المجال لخطاب مسرحي كان أشبه بالبوح والتمويه على الألم ومرارة المصير نحو التخفي المحكم لمهارات إخراجية واعدة اختبأت فيها تعاليم الإخراج في الممثل دافعة النص المكتوب إلى ترنيمة لافتة عبرت عنها علي في كلمة كتبتها على بروشور العرض بالعامية عن جدران البيت التي تصير من لحم ودم والذاكرة التي تربط بين الأحداث المتفرقة.
يذكر أن عرض كحل عربي من كتابة وإخراج سوزان علي وتمثيل روجينا رحمون ومدير الإنتاج رامي سمان.
أرسل تعليقك