تذكرة وحقيبة سفر 2
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 العرب اليوم -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم - ناصر الظاهري

بقي من حكاية الصورة القديمة من «هايدلبيرغ»، أننا كنا حائرين نحن الفوج السياحي الذي معظمنا لا يقرأ بكفاية قبل زيارته للمدن، بين مرشدة الفوج التي تشبه الخيل الصافنة حيناً، والتي قد تهز في نفوس البعض منا تلك المهارة الفروسية التي لم تكتمل، وذلك العجوز السيرلانكي الذي يفهم أكثر من اللازم، حتى أشفقنا على المسكينة، والتي ترددت بعد ذلك كثيراً قبل أن تدلي بأي معلومة مرتجفة، تخرج من بين شفتيها اللتين هما الوحيدتان من علامات الأنوثة فيها، لأنها كانت أقرب لآمر فوج مظلي، سنتعدى صورة المرشدة السياحية التي تلاصق زوجة الأميركي المتصابية، والتي لا تقرّ في مكان، فبعد السيرلانكي مخزن المعلومات العميقة المتنقل، يقف شاب يبدو حديث نعمة، ويوحي منظره للغرباء، أنه ابن مهاجر يعمل حديثاً تاجراً للسيارات المستعملة في ألمانيا، قميصه «الفرساتشي» المقلد في تايلاند، رغم ألوانه الحارة، وطبيعة القماش الحريري المُصنع، يظهر الرخص عليه، لأنه في غير وقته في ذلك النهار المشمس ببرودة، كذلك النظارة الشمسية المذهبة شغل محال التجزئة الطارئة في الشارع، لم يعجب بتلك الأناقة المربكة إلا الأميركي، حيث أثنى عليها مراراً، أما اللاتيني فإنه لم يحفل، وبدى أنه يغار من ذلك الشاب الذي كان ماهراً في التصوير، ومن ملابسه البراقة، وكثيراً ما كان يصرّ في أذن زوجته: أنه عاطل، وربما يكون من الغجر أساساً، ويده خفيفة، بالرغم أن الشاب أبدى إعجابه بأهل وثقافة أميركا اللاتينية، وتودد لهما بالحديث بالإسبانية التي يحاول جاهداً إتقانها، إلا أن جفلة أدركها من الزوج غير المستقر قليلاً، العائلة اليابانية امتدحت في ذلك الشاب كاميرته اليابانية، وقالوا عنها إنها غالية جداً عليهم، أما الباكستاني، وخاصة زوجته المتحنية، فتحسباه من الهند، وفضلا قفل أي حديث معه، رغم ابتساماته المجانية لهما، بجانبه يقف شاب من النرويج، يشعرك أنه جزء من تلك القلعة القديمة، كواحد من محاربي «الفايكنج»، بوجهه الناري، وشعره الأصهب، وطوله الفارع، بحيث يخجل من يأتي به حظه العاثر مثلي للوقوف بجانبه، ويجعلك تعاف عمرك، وتشفق بأثر رجعي على أمه التي حملته وهناً، وأرضعته حولين كاملين، وتفرح أن حروب اليوم ليست بالفأس القاطعة، ولا السيف البتّار، وإلا لن تطول مقاومتك، ولن تمكث طويلاً أمامه، قبل أن تتجندل كجثة هامدة، بعده شاب وفتاة لم يتزوجا بعد، يمكنك أن تلحظ ذلك لأول وهلة من خلو أصابع الفتاة من أي خاتم عليه القيمة، لكنتهما الأقرب لتفليق الحطب اليابس، تدل ربما أنهما من بلجيكا، هولندا، أو النمسا، والتي أراهن أن علاقتهما لن تستمر طويلاً.. غاب الشخوص وبقيت الصورة.. وبقيت ذكريات نهار جميل ذاك الذي حمل حكاية تلك الصورة القديمة التي أصبحت باهتة من «هايدلبيرغ»!

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 16:26 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تجربتي في نزل فنان البيئي

GMT 09:23 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

اعرفْ وطنك أكثر تحبه أكثر

GMT 11:07 2017 الإثنين ,17 تموز / يوليو

تنشيط السياحة.. والرياضة المصرية

GMT 09:35 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

ملتقى بغداد السنوي الثاني لشركات السفر والسياحة

GMT 19:29 2017 الخميس ,23 شباط / فبراير

أنواع السياحة

GMT 12:38 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

المهاجرون العرب بين التعايش والعزلة وأزمة الهوية

GMT 08:48 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور المهرجانات السينمائية في الترويج للسياحة الوطنية

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24