بقلم - زكي شهاب
في الذكرى الرابعة عشرة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، نفتقد رجلاً لم يكن يملُ، أو يكل، في العمل، من أجل إعادة فلسطين الى الخارطة، التي شُطبت منها، بعد اغتصابِها وتشريدِ أهلها. وللأسف، لم يكن من خلَفَه، ليسدّ الفراغ، الذي تركه. بدليل تراجع الاهتمام الدولي، والعربي، بقضية فلسطين.. بسبب حروبِ الزواريب، التي أدخل فلسطين والفلسطينيين بها.
كان عرفات، رحمه الله، يصافح صدام حسين، في يوم. ويلتقي خصمَه اللدود، الامام الخميني في اليوم الذي يليه.
كان أبوعمار "أبو الألم الفلسطيني".. وهذا أدق الأوصاف التي أطلقت عليه. من الصدق، والخداع، إلى المماطلة و،المساومة، مرورا بالكذب.
حين التقيته ذات مرة، في صيف العام 1982، وفي عز حصار بيروت بعد إجتياح اسرائيل للبنان، سألني عن لقائي برئيس الوزراء اللبناني الراحل صائب سلام، صبيحة ذلك اليوم، والذي كان عائدا من زيارة للمملكة العربية السعودية، اجتمع خلالها بولي عهد المملكة آنذاك, الأمير فهد بن عبد العزيز، قبل أن يُصبح هو خادم الحرمين الشريفين، ما إذا كان قد تطرقا للحديث عنه،
و عندما لاحظ تردَدي في قول ما سمعت، أضاف: "قل ما لديك ولا يهمك". قلت له إن الأمير فهد "يتهمك بالكذب وعدم الالتزام"، فكان رد عرفات السريع: "ومن هو الصادق بينهم"..
كان أبو عمار لا يأبه لكل أنواع الاتهامات الي رُشق بها.. من الاستجداء، إلى المتاجرة بالقضية، لأنه كان يعرف أن كل شيء يجب أن يكون في خدمة هذه القضية، وخدمة فلسطين، ومقارعة الاحتلال الاسرائيلي . ولهذا السبب، تحول ضريحه إلى مزار، ويفتخر الفلسطينيون(حتى من اختلفوا معه) به، شهيداً، بعد أن قتل مسموماً على يد أعدائه، في الوقت الذي يندر ان يتذكر بعض العرب زعيماً، فضَل الموت على الاستسلام، وعدم التفريط بشبرٍ من القدس الشريف .
قالها عرفات للرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون، حين حاول الاخير أثناء مفاوضات "واي بلانتيشن"، إلزامه بإتفاقٍ لتبادل الاراضي في القدس، وبكل وضوح" أموت و لن أسمح بأن يُسجل في كتب التاريخ، أنني من تنازل عن شبر واحد من القدس".
رحمة الله على القائد الراحل، والبركة بمن لا يتزحزح إيمانهم بأن فلسطين، مهما تكالبت عليها الأطراف، وتهاون، في حقها البعض، لن تقل عزيمتهم، في النضال، من أجل عدم ضياع الحق، المسلوب، سواءً على يد دونالد ترامب، ونتنياهو، أو قبل به تجار "صفقة القرن"، الذين يتمسّحون بالدين، ويدسون السمن بالعسل، لشراء حكمٍ لدويلةٍ هزيلةٍ، تطيلُ جلوسهم، على جثثِ من ضحوا بالغالي، والنفيس من أجلِ قضيةٍ مقدسة.
أرسل تعليقك