أسامة الرنتيسي
مَن يتوقع أن نتحول بين عشية وضحاها إلى مجتمع مثالي، نغسل أيدينا بالماء والصابون ونعقمها جيدا، هذا لن يحدث أبدا أبدا.
ومَن يُصِر على أن نبقى نجلد أنفسنا كلما وقعت مشكلة جديدة تعيدنا للمربع الأول في أزمة الكورونا، فسوف يجلد كثيرا، لأن الوعي الجمعي مهما اشتغلنا عليه، فإنه يبقى ناقصا، إذا لم يُرافق ذلك قوانين صارمة، يعرف الناس عواقبها جيدا، ويقتنعون أن العقوبة لن ترفع عنهم مهما كان الخطأ الذي يرتكبونه صغيرا أم كبيرا، ولا توجد وسائل حماية ووساطات تعفي المخطئ وتطبطب عليه، وتضيع الحقوق مقابل فنجان قهوة ووجه الجاهة الكريمة.
لم نتخرج بعد من “كي جي ون” في روضة الحياة الجديدة في زمن الكورونا، لذا تُباغتنا كل يوم حادثة جديدة يفقد شخص ما حياته فيها نتيجة رصاصة خرجت خطأ من مسدس قريب له يحتفل بخروج الضحية من السجن.
مطلق الرصاصة للأسف الشديد رجل أمن، وهو يعرف جيدا التهديدات الرسمية حول منع إطلاق العيارات النارية في المناسبات، التي كان أقواها من رأس الدولة عندما قال: إذا ابني فعل ذلك حاسبوه..
وحتى تكتمل حلقات الإحباط العام، بعد أن تقدمت في مدينة الرمثا العزيزة جاهة لأخذ عطوة عشائرية في الحادث، ضمت عددا محدودا من الأشخاص حسب الرواية الأمنية، قبل موعد حظر التجول.
قام نائب متحمس يمثل اللواء بعد ساعات الحظر بجمع عدد كبير من المواطنين لشرح تفاصيل ما تم الاتفاق عليه بالعطوة السابقة، وهو لم يخالف فقط أمر حظر التجول، بل قام بمخالفة جمع عدد من المواطنين في مكان واحد ومن دون إحتياطات التباعد والوقاية.
أمس؛ كدت أتشاجر مع شخص كان يسير بسيارته أمامي، إذ بعد أن أفرغ باكيت سجائره قام بإلقائه إلى الشارع، لحقته عند الإشارة، وبغضب قلت له متى سنتعلم النظافة التي هي أساس العلاج من الوباء الذي نحن نعاني منه، طبعا لم تعجبه ملحوظتي فكتم غيظه، ولو واصلت ملحوظاتي الغاضبة لكان في الأمر سلوك آخر.
مثل هذا السلوك، قبل زمن الكورونا وبعده، لن ينتهي من شوارعنا إلا بالقانون الحاسم القاسي، معظمنا نشاهد سواقين كثيرين يلقون كل ما في أيديهم من سجائر ومحارم فاين وعلب بيبسي وعصير في الشوارع العامة، من دون أي حس بالمواطنة وأن هذه الشوارع جزءا من بيوتنا، إن كنا نظيفين في بيوتنا فلن نفعل ذلك في الشوارع، ولن يتعدل هذا السلوك الخطأ من دون قانون حازم.
ستقع أخطاء كثيرة في الأيام المقبلة، من صبحي وعلاء ومحمود وغيرهم، وسوف نتفاجأ ونضرب أخماسا بأسداس، ونقول في دواخلنا متى نتعلم، وسوف ننتقد الموظف الذي سمح لسائق التريلا بالدخول من دون حجْر، ونغضب من تغاضي وزارة الصحة وتراخيها في بعض الإجراءات.
حتى نصل إلى مرحلة الحياة الجديدة في زمن الكورونا، سوف نخطئ كثيرا، ونتعلم أكثر، لكننا للمرة المليون نقولها: لن نتعلم إلا بالقانون المطبق على الجميع.
الدايم الله….
أرسل تعليقك