لم تَلفت نظري أية فكرة قُدّمت لانتشالنا من الواقع الذي نمر به مثلما فعل رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي.
فَبِكُل جرأة ومسؤولية، “يجب أن ندق الناقوس” قدم الرفاعي خريطة طريق عملية لتصويب الأوضاع العامة في البلاد.
الرفاعي ابتعدَ كثيرًا عن التنظير ودخل في واقع الحياة ونبض الناس اللذين يتحدثون عنهما صبحا مساء، وطرح بشكل مكثف بعض التصورات والنقاط التي يرى أنها أساسية وضرورة لحماية البلاد ليس في مرحلة ما بعد أزمة الكورونا، بل في الأزمة ذاتها، لأنها لن تنتهي خلال شهر أو شهرين، وقد تطول حتى نهاية العام، وكل الخطط الأخرى، إذا لم تندمج مع بعضها سوف نخرج في النهاية مثل مقولة الطبيب المصري: “حافظنا على الجنين لكن ماتت الأم”.
تحدث الرفاعي مباشرة عن الإجراءات الحكومية التي جاءت لمصلحة القطاعات الكبرى، أما المواطن البسيط فلم يُزَلُ أي تعب عن كاهله المنهك أصلًا.
وفيما يتعلق بأمر الدفاع “6” فقد فجاء حديث الرفاعي متطابقا مع حديث معظم القطاعات والخبراء والمؤسسات المعنية في تطبيق أمر الدفاع، ولخّصه الرفاعي بجملة عبقرية: “رجَوْنا أن يكون بلسما شافيا، تبين أنه كمن يحاول علاج الشلل بعقار للرشح!”.
والأخطر حسب رأي الرفاعي أن تطبيقات أمر الدفاع لم تُفَعّل حتى الآن فلم تظهر أسس العودة للعمل، ولا وضَعنا خطوة في معالجة أهم ملف إنساني في الأزمة وهو ملف عمال المياومة ومن هم على شاكلتهم، حيث جمع معهم الرفاعي كل من “يأتيه رزقه يوما بيوم، فلا أحد التفت لقطاع السياحة والسفر، ولا لأصحاب محال الملابس والأقمشة الذين يعانون أصلا منذ ما يزيد على عامين، ولا المطاعم الشعبية التي بالكاد يكفي دخلها قوت العاملين بها، ولا محال النثريات والأدوات المنزلية والمكتبات والحلويات وسواها.
وأضيف لدولته عشرات الآلاف من سواقي التكاسي وأصحاب المحال الخدمية من صالونات الحلاقة والكراجات الصغيرة والأعمال الخدمية اليومية التي يقتات أصحابها من مياومات عملهم وغيرهم كثيرون من أصحاب المهن في الطبقة المتوسطة.
أما فكرة نصف مليار البنك المركزي التي أشاد دولته بقراراته، فلم تهبط حتى الآن على الشركات الصغيرة والمتوسطة مثلما جاء الأمر والهدف منها، بل سُلّمت للبنوك للتصرف بها بمنح قروض لهذه الشركات حسب الملاءة المالية لأصحابها، وتأخذ البنوك نسبة 2 % أرباحًا، وهذا لن يحرك السوق ولا يحمي الشركات، بل تستفيد منه البنوك فقط.
أما في الإجراءات الوقائية التي تتخذها الحكومة، وهي أشبه ما تكون بالإجراءات الصينية في مواجهة الوباء منذ بدايته في مدينة ووهان التي تم إغلاقها والحجر على أهلها، ولم يتم الحجر على كل المدن الصينية مثلما نفعل نحن الآن، والمقترحات التي قدمها الرفاعي بخصوص المحافظات غير الموبوءة رائعة وتُديم عجلة الحياة والاقتصاد في عموم البلاد، فكل محافظة تعمل وهي في وضع سليم، تشيل معها محافظات أخرى معطلة فيها عجلة الانتاج والحياة.
لا أحد ينكر الجَهد الكبير الذي تقوم به الحكومة وخلية الأزمة، ولا جَهد القوات المسلحة والأمن العام في الشارع وعموم مدن وقرى ومخيمات الوطن، ولا الجَهد الخارق للطواقم الطبية والتمريضية، لكن واضح أن الجميع غارقون بالتفاصيل اليومية ولا يرَوْن واقع الحال في عموم البلاد.
لا لوم على أحد، وكل يوم تظهر بؤرة جديدة تسحبنا إلى المربع الأول، لهذا فإن خريطة الطريق التي قدمها مشكورا دولة سمير الرفاعي تُسهم مساهمة كبيرة في تصحيح المسار ما أمكن، ولا يقلل من جهد الحكومة وخلية الأزمة إن وقفت عندها كثيرا، لأن الجميع في قارب واحد، والوطن وحمايته في الأزمات على عواتق جميع أبنائه.
شخصيا؛ لست من أصدقاء الرفاعي ولا محسوبًا عليه، لكن بكل الصدق تفاعلت – بكل تواضع – مع ما قدمه دولته وشعرت أنه ترياق المعضلة التي نعيش، حتى يأخذ الله في أيدي مراكز الأبحاث ويخلصوننا من وباء الكورونا…
الدايم الله….
أرسل تعليقك