حول اقتحام الكابيتول
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

حول اقتحام الكابيتول

حول اقتحام الكابيتول

 العرب اليوم -

حول اقتحام الكابيتول

جبريل العبيدي
بقلم - جبريل العبيدي

كان الرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون هو أول من استعمل تسمية «الكابيتول» بدلاً من «مجلس الكونغرس»، وقد سبق لهذا المبنى أن تعرض للحرق جزئياً في أغسطس (آب) 1814 خلال حرب 1812، وفي عام 1954 أطلق القوميون البورتوريكيون النار على أعضاء الكونغرس من خلال قاعات معرض الزوار في مبنى الكابيتول. فالكابيتول هو مقر المجلس التشريعي لحكومة الولايات المتحدة الأميركية.
اقتحام الكابيتول كان مشهداً صادماً لأنصار الديمقراطية، وإن كان الكابيتول مبنى الشعب، ومن اقتحمه هم جزء من الشعب، إلا أنَّ الاقتحام جاء مصحوباً بالفوضى والعنف غير المسبوق في تاريخ هذا المبنى العريق، الذي من المفترض أنه محصن أمنياً ضد هذه الاقتحامات، مما طرح أسئلة عن ضعف الحراسة، وأين ذهبت الحماية الأمنية لمبنى الكونغرس حتى تم الاستعانة بالحرس الوطني، متأخراً، نظراً للسهولة التي تم بها الدخول لمبنى الكابيتول، والتساؤل عن وجود ثغرات أمنية قد تكون «مفتعلة».
بعد اقتحام الكابيتول، ورغم تغريدة يتعهد فيها ترمب بانتقال منظم للسلطة وإدانة العنف، إلا أن الأصوات المطالبة بملاحقة ترمب قضائياً باعتباره محرضاً على العنف ومعرقلاً لتسلم السلطة سلمياً، تعالت، وبخاصة من الديمقراطيين بالطبع.
كما تعالت ردود الأفعال العالمية عن هذا الحدث، وعلى رأسها ما جاء على لسان رئيس الوزراء البريطاني بورس جونسون الذي قال إنَّ ترمب «حرض على اقتحام الكابيتول، وكان يبدي شكوكاً مستمرة في نتائج انتخابات حرة ونزيهة».
اقتحام الكابيتول أدَّى إلى استقالات في صفوف معسكر ترمب، فقد قدمت إيلين تشاو وزيرة النقل وزوجة ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، استقالتها، وتلتها دي فوس وزيرة التربية التي قالت في خطاب استقالتها إن «الاختراق العنيف لمبنى الكابيتول الذي نفذه مؤيدو ترمب هو نقطة انعطاف».
وفي الواقع فإنَّ هذا الاقتحام أدَّى إلى تفكك البيت الداخلي لحزب ترمب «الجمهوري» بين صامت عن تصرفات ترمب وبين معارض بصمت، إلى معارض مجاهر بمعارضته، ما شجَّع مطالب بعزل ترمب وتفعيل المادة الـ25 لعزل الرئيس عبر نائبه، وإن كان نائب الرئيس بنس ترك الباب موارباً أمام العزل بترحيل الأمر للقانون والقضاء ممسكاً العصا من المنتصف، ولعل لسان حال ترمب يقول: «حتى أنت يا بنس (حتى أنت يا بروتس؟)»، مستذكراً طعنات يوليوس قيصر من قبل حلفائه، خصوصاً بعد اتهام السيناتور الجمهوري غراهام لترمب بتحريض الفوضويين لاقتحام الكابيتول، ولم يفلح مايك بومبيو وزير خارجية ترمب في الدفاع عنه، وأن أميركا ليست جمهورية «موز»، كما وصفها بوش الابن.
لقد تحالف المعارضون واليساريون ضد ترمب ومنهجه (الترمبية) هذه الظاهرة السياسية الوافدة من خارج عالم السياسة، خصوصاً أن ترمب رفض الإقرار بالخسارة، والإصرار على وجود تزوير أو تلاعب لم يقنع المحكمة العليا، ولا حتى الجالسين في الكابيتول، ومن ثمة لجأ ترمب إلى استعادة المبادرة، من خلال خطاب تعبوي لـ71 مليون مواطن أميركي صوتوا له، وهو عدد كبير بينهم جماعات تؤمن بالعنف طريقاً لتحقيق الأهداف، مثل جماعة «Proud Boys» أو «الفتيان الفخورون».
اقتحام الكابيتول ورفع أعلام الفيدراليات الانفصالية مؤشر خطير ليس فقط لمؤيدين لرئيس انهزم في الانتخابات، بل يؤكد أن الأمة الأميركية أصبحت منقسمة، رغم محاولات الجراحات التجميلية، وستكون أميركا ما بعد الكابيتول ليست قبلها، فأميركا اليوم بين خطرين، أحلاهما مر؛ انقسام للنظام الجمهوري أو تفكك الأمة، إذا لم تتم المعالجة السريعة لهذه الأمور وتغليب روح الأمة على الطموحات الشخصية.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول اقتحام الكابيتول حول اقتحام الكابيتول



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 12:35 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزيرة التخطيط تُنظم مائدة مستديرة لدراسة موقف الفقر في مصر

GMT 16:04 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

10 وزراء يشاركون فى افتتاح المؤتمر الـ 15 للثروة المعدنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24