عطر التواضع وفوح النجاح
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

عطر التواضع وفوح النجاح

عطر التواضع وفوح النجاح

 العرب اليوم -

عطر التواضع وفوح النجاح

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اللبنانيين يريدون أن يحلّوا مشكلة الصراع العربي - الإسرائيلي وقضية الشرق الأوسط والخلافات العربية - العربية، والأفضل لهم أن يجروا بعض الإصلاحات في بلدهم؛ بدءاً بمشكلة الكهرباء.
ويعذرنا الرئيس ماكرون، ولكن نحن شعب لم يكن لدينا مرة الوقت للقضايا الثانوية مثل الكهرباء، وسعر الليرة، والاقتصاد، وأقساط المدارس، ورواتب المعلمين، وحال الطرقات، والمستشفيات المفلسة، والشوارع المليئة بالزبالة، وأزمة الوقود.
أجل؛ يعذرنا المسيو ماكرون، لأنه لا يتابع كما ينبغي أخبار المشاريع التي نقوم بها. وإلا لتذكّر مشروع «مركز الحوار العالمي» في لبنان الذي قدمه الرئيس ميشال عون للأمم المتحدة. صحيح أن الحوار بين اللبنانيين أنفسهم مقطوع، وأننا غير قادرين على تشكيل حكومة، وعلى تنظيف عنبر في الميناء من مفجرات بقوة نووية، ولكن، كما يقال عندنا في البسطا التحتا: «هيدا شيه، وهيدا شيه».
نحن خُلقنا للقضايا الكبرى، ولذلك سمّانا شاعرنا سعيد عقل: «شعب لبنان العظيم». وأطلق التسمية من ساحة قصر بعبدا الذي منه قاد قائد الجيش الجنرال عون، حرب تحرير لبنان. وعندما أطلق عقل تلك التسمية علينا، لم يكن عدد ضحايا الحرب الأهلية قد بلغ 150 ألفاً ومليون مهاجر. هذه أرقام بلغت فيما بعد. وهي من أسباب ما شجع الرئيس عون على اقتراح فكرة «مركز الحوار». إن تعلق الجنرال عون بمبدأ الحوار أسطوري، أو خيالي، على الأقل.
التواضع طبع في اللبنانيين، يتجلى عادة في اللحظات العالمية الكبرى. كيف يريدنا ماكرون أن ننصرف إلى إصلاح التيار الكهربائي فيما «التيار الوطني الحر» محاصر «بمؤامرة كونية»؟ هل تقصد بذلك الكون برمّته؛ المجرة والكواكب السيارة والقطبين... وسلسلة جبال الأنديز؟ أنا قلت لك «كونية» وأنت حدّد. أنت وتواضعك. ولا تنسَ في «تواضع كونيتاك» أننا بلد الشاعر يونس الابن: «لبنان، شو لبنان، هالكَم أرزة العاجقين الكون - هاد قبل ما في كون - كانوا هون».
كان هذا شعراً ممتعاً. ويحق للشاعر؛ فصحى أو عاميّة، أن «يعجق» الكون في لزوم قافية. لكن المأساة تقع عندما يصل التواضع إلى الـ«سي إن إن»؛ فقبل عامين كان وزير خارجية الجمهورية اللبنانية جبران باسيل يحضر مؤتمر دافوس الاقتصادي (الكوني)، وبصفته هذه، سألته مراسلة الشبكة: كيف يستطيع لبنان الاستمرار دون موازنة في حين أن بلداً في حجم أميركا وبريطانيا لا يستطيع ذلك؟ تبسَّم معاليه ابتسامته اللمّاعة نفسها، وأجاب: فلتأتيان (أي أميركا وبريطانيا) كي نعلمهما!!
انتهى الاقتباس. ومنذ ذلك التواضع «المهضوم» ونحن نعلم بريطانيا وأميركا والكون برمّته دروس المال والاقتصاد والتواضع. بدل أن يعطينا الرئيس ماكرون النصائح، فليسجل نفسه في دائرة الدروس الخصوصية في الحكم الباهر والتواضع العاطر.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عطر التواضع وفوح النجاح عطر التواضع وفوح النجاح



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

ديمة الجندي تسترجع ذكرياتها مع حاتم علي

GMT 07:47 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

مرتضى يتحدى الجبلاية ويفتح النار على جنش والخطيب

GMT 15:02 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"رولز رويس" تكشف مكانة السيارات في الستينات

GMT 16:27 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيتي بيري تعاني إدمان التسوق والتبذير

GMT 11:35 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يشبه Photoshop يصل الهواتف الذكية

GMT 18:22 2020 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني تمثل مصر في نهائي جي بي مورجان للاسكواش

GMT 19:15 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

«ملامح الخمسينيات»... مفردات تعكس حالة من الحنين للماضي

GMT 12:41 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حالات يجب فيها تغيير زيت محرك السيارة فورًا تعرف عليها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24