يوميّات «دسكاوي»
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

يوميّات «دسكاوي»

يوميّات «دسكاوي»

 العرب اليوم -

يوميّات «دسكاوي»

بقلم - سمير عطا الله

يسمّيه الزملاء المصريون، الـ«دسك». ويُعرف في الصحافة اللبنانية بالمطبخ. وهو ركن أساسي في الصحيفة اليومية أو حتى في المجلّات. توكَل مهامه إلى جنود مجهولين، ربما أمضوا حياتهم المهنية برمّتها من دون أن يعرف أحد أسماءهم. يعيد صاحب الـ«دسك» قراءة المواضيع التي يقدّمها المخبرون والمحرّرون، خصوصاً الناشئين منهم. يشذّبون لغتها ويدقّقون في معلوماتها، ثم يختارون لها العناوين المناسبة أو الجذابة أو المثيرة. أحياناً كثيرة، يتحوّل الـ«دسك» إلى مدرسة للمعلّمين أنفسهم، فينتقل هؤلاء من المراجعة وإعادة الكتابة، إلى مواقع أعلى ومعهم خبرتهم والقواعد التي أرسوها لغيرهم.
على وجه العموم، الـ«دسك» عمل بائس وعاق، مكافأته المعنوية معدومة ومكافأته المادّية فوق العدم بقليل. لذلك يتحوّل هذا الجزء من المهنة إلى باب للسخرية والذكريات المضحكة. الكاتب حمدي عبد الرحيم، جمع بين أكثر التجارب بؤساً في حياة المصري: العمل خلف الـ«دسك» وركوب الميكروباص من أجل الوصول إلى المكتب. وعندما بدأ هذه المهنة في صحيفة «الجيل»، كان يقطن في مدينة 6 أكتوبر (تشرين الأول)، ومقرّ الصحيفة في وسط البلد. ولذلك، كان يتعيّن عليه أن يغيّر رحلة الميكروباص أربع مرّات ما بين السكن والعمل.
تعيد «دار الشروق» نشر سلسلة من التحف القرائية البديعة، تجمع ما بين فكر توفيق الحكيم وسخرية حمدي عبد الرحيم. أسمّيها «تحفاً» مع الاعتذار، لأنّ هذا هو الأثر الذي تتركه في نفسي. فإذا كان خير جليس في الأنام كتاب، فإن أجمل الجلساء هو الذي يجمع بين العمق والبساطة وخفّة الروح وتصوير حياة الناس اليومية بإبداع كلاسيكي يصحّ لكلّ الأزمان والأوقات:
«فيصل... تحرير - أيام الـدسك والميكروباص»، هو عنوان الكتاب المأخوذ من أسماء أكثر الشوارع ازدحاماً في القاهرة. ويقسم المؤلّف تجاربه الممتعة، ما بين البؤسين: الـ«دسك» والحياة اليومية في تلك الباصات الصغيرة المزدحمة بالركّاب والصياح والحكايات والطرائف واللطائف، التي لا يمكن العثور عليها إلّا في مصر وفي زحام القاهرة وتنقّل المصريين على طرق الصبر والتصبّر ومواجهة العقوبة اليومية بالنكات والضحك. يصنّف حمدي عبد الرحيم أبطال مشاهداته، فئات فئات. أوّلها وأقلّها أهمّية، فئة «الذاهلين». هؤلاء دَبّ فيهم الملل وعجنتهم الرتابة وتدرّبوا على أن ينسوا تماماً أين هم وماذا يسمعون من حين إلى آخر، أو ماذا يشاهدون عبر النوافذ. كذلك يصنّف المحرّرين الذين مرّت موادهم على قلمه. كذلك يصنّف الأمكنة والمحطّات، ساخراً من كلّ ما حوله، مضحكاً كلّ من يقرأ هذه المدوّنة الذكية المليئة «حدّوتات» وخبريّات وسخرية من مصاعب الحياة، وهي تلك السخرية التاريخية التي مكّنت المصري من تحويل كلّ عقبة إلى نكتة في كلّ العصور.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوميّات «دسكاوي» يوميّات «دسكاوي»



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 10:11 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 15:01 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

يزعجك أشخاص لا يفون بوعودهم

GMT 13:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 16:13 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 14:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 09:57 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 14:13 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24