عقوق الكبار
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

عقوق الكبار

عقوق الكبار

 العرب اليوم -

عقوق الكبار

سمير عطا الله

يعده الفرنسيون أعظم الروائيين عندهم، ويرى فيه بعض كبار كتّاب بريطانيا، مثل سومرست موم، أعظم الروائيين في العالم على مدى التاريخ. لكن، مثله مثل كثيرين من عظماء الأدب، كانت قصة حياته أهم من كل ما كتب. وإذا كان الروسي دوستويفسكي ينافسه على هذه المرتبة، فإن حياتهما قد تشابهت إلى حد مذهل. عاش أونوريه دو بلزاك طوال حياته يكتب ويكسب ويستدين. لم يكن مقامراً مثل دوستويفسكي، لكنه كان مريضاً بالبذخ والاستدانة والهرب من دائنيه من مكان إلى آخر. أحبّ النساء من أجل حبّهن، ومن أجل ثرواتهن أيضاً. ولم يشعر لحظة بأي جرح كرامة وهو يطلب منهن المال. وفيما كان يقيم المآدب والحفلات الباذخة، امتنع عن إرسال أي مساعدة ضئيلة إلى أمّه. وقد كتبت إليه مرة

«كانت آخر رسالة تلقيتها منك في أكتوبر (تشرين الثاني) عام 1834. وفيها، وافقت على إعطائي، بداية من أول أبريل (نيسان) عام 1835، مائتي فرنك كل ثلاثة أشهر، لتساعدني على دفع أجرة منزلي وخادمتي. وقد عرفت أني لا أستطيع العيش بما يتناسب مع فقري؛ إن اكتسابك الشهرة ظاهر للعيان، ورفاهيتك واضحة، فلا ينبغي أن يكون الفرق بين وضعينا شنيعاً. إن ذلك الوعد الذي ألزمت به نفسك هو كما أعتقد دين معترف به. الآن، نحن في أبريل (نيسان) عام 1837؛ وهذا يعني أنك مدين لي بمصروف عامين. ومن هذه الـ1600 فرنك، أعطيتني 500 فرنك بدت كأنها حسنة منحتها بخشونة. أنوريه، طوال عامين، أصبحت حياتي كابوساً دائماً، إذ إن نفقاتي كبيرة، ولم تتمكن من مساعدتي، والنتيجة هي أن الأموال التي اقترضتها على منزلي تقلصت قيمتها. والآن، لا أستطيع اقتراض المزيد، فقد رهنت كل شيء ذي قيمة، وسأصل أخيراً إلى اللحظة التي سأقول فيها: (أريد خبزاً يا ولدي).

طوال عدّة أسابيع، كنت آكل ما يقدمه لي زوج ابنتي الطيب. ولكن، يا أنوريه، لا يمكنني المضي على هذا النحو، وأنا أرى أن لديك موارد تمكنك من القيام برحلات مكلفة؛ مكلفة بخصوص المال، ومكلفة بخصوص السمعة - لأن سمعتك ومالك سيتعرضان بقسوة للمخاطر حينما تعود بسبب العقود التي فشلت في الالتزام بها. حين أفكر بهذا ينفطر قلبي! ولدي، بما أنك قادر على تزويد نفسك... بخليلات وعصي وخواتم وفضيات وأثاث، فإن أمك تستطيع أن تطلب منك، من دون تحفظ، أن تفي بوعدك. لقد انتظرت لتفعل ذلك حتى آخر لحظة، وقد أزفت تلك اللحظة».
وقد ردّ على هذه الرسالة بقوله: «أعتقد أنه من الأفضل أن تأتي إلى باريس، وتمضي ساعة في الحديث معي».
أطلت الاقتباس، بغير مهنية، لكن لم أقرأ اختصاراً لمأساة رجل عظيم كما ترويها رسالة هذه الأم.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقوق الكبار عقوق الكبار



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24