العاميتان والشاعران
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

العاميتان والشاعران

العاميتان والشاعران

 العرب اليوم -

العاميتان والشاعران

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

منح اتحاد كتّاب مصر جائزة الشعر العامي مناصفةً بين المصري مجدي نجيب واللبناني طلال حيدر «وفاءً لمنجزهما الباذخ». مع الاعتذار، أعرف القليل عن مجدي نجيب. أما طلال حيدر فقد رفع الشعر المحكي في لبنان إلى مرتبة أعلى بكثير من العاميات واللغة المحلية. وكما قال أحمد شوقي إن بيرم التونسي يشكّل خطراً على الفصحى، فإن طلال حيدر واحد من كوكبة صغيرة، جعلوا العامية في مصافّ الفصحى. هذه الكوكبة لم يعد معها الشعر العامي «زجلاً» ولم يعد شعراؤه «قوّالين» من نوع «التروبادور» الجوال الذي كان يجول القرى والمدن في بريطانيا وفرنسا، يثير مشاعر الحاضرين، ويتلاعب بها، حزناً أو فرحاً أو مرحاً.
الشعر الذي كتبه «الأخوان رحباني» وميشال طراد وطلال حيدر، ما عاد «عامياً». أصبح صيغة غير خاضعة لمقاييس الفصحى، لكنها أيضاً بعيدة عن الإيقاع العامي المباشر والخالي من لطائف اللغة. وظل شعر هذه الكوكبة معبّراً بالدرجة عن الحب والهوى والنجاوى، لكنَّه طاف أيضاً بمعاني الحياة وشجونها وصورها. وحلّق به طلال حيدر تحليقاً. وأصبح شعره مفترقاً يقف عنده البادئون: هل أنت قادر على كتابة العامية بلغة طلال حيدر؟
المشكلة أن طلال حيدر كان مُقلاً مثل صاغة الذهب الخالص. غنّت فيروز بعض أجمل ما أتحف: «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان- وحدن بيقطفوا وراق الزمان». أيضاً ارتفع طلال حيدر بالشعر الوطني من المباشرة إلى الأسلوب العالي والصورة البديعة. وكذلك في الشعر السياسي، فمنعه من الخطابية والخشبية والابتذال.
كتبت دائماً، في نوع من التشديد الرمزي أو الرومانسي، أن الشعر العامي حق مصر وحدها، بسبب عبقرية اللغة المصرية وموسيقاها. وكان في ذلك ظلم غير مقصود للعامية اللبنانية كما أصبحت بريشة طلال حيدر وجوزف حرب والرحبانيين. وكما قُيّض للعامية المصرية من ينشرها في الأمكنة، مثل أم كلثوم، قُيض للعامية اللبنانية فيروز. وقد ظن بعض كبار شعراء الفصحى وعتاة اللغة أن العامية امتحان سهل ينزلون إليه من بروجهم، فيا للصدمة الكبرى.
اخفق سعيد عقل كثيراً حين حاول الغناء فوق الحلبة العامية. واكتفى «الأخطل الصغير» بقصيدة «يا ورد مين يشتريك- وللحبيب يهديك» بناءً على طلب محمد عبد الوهاب، الذي غنّى له الكثير من شعره الفصيح. وكان أخطل لبنان على حكمة حين فعل.
تحمل جائزة هذا العام اسم الشاعر الراحل اللبناني الأصل فؤاد حداد. وكانت له شعبية كبيرة في مصر، خصوصاً بين النخبة، لكنه ظل شبه مغمور بين كبار الشعراء طبقة بديع خيري مثلاً. وربما كان يشعر في داخله بعقدة ذنب لأنه لم يكتب بالفصحى، فقال في إحدى قصائده: لغة العرب في قلبي تضوي ضي- لغة العرب هي اللي بتزوّد- في كل ليلة عندنا القنديلة.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العاميتان والشاعران العاميتان والشاعران



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 12:35 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزيرة التخطيط تُنظم مائدة مستديرة لدراسة موقف الفقر في مصر

GMT 16:04 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

10 وزراء يشاركون فى افتتاح المؤتمر الـ 15 للثروة المعدنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24