المتعتان
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

المتعتان

المتعتان

 العرب اليوم -

المتعتان

بقلم -سمير عطا الله

في أحد مجالس الرياض دار الحديث حول ما تشكو منه الأمّة وما هي الحدود لهذه المعاناة الطويلة، تقدّم كلّ من الحاضرين بعرضٍ موجز وحلٍّ موجز. وعندما جاء دوري قلت إن الحلّ الأساسي يتلخّص في أمرين: القانون والعلم. حيث يسود القانون تتطور الأمم من تلقاء ذاتها، وتتحصّن الاستمرارية وينتعش التخطيط على جميع جبهات التنمية. وتعتاد الشعوب على أنّ القانون جزءٌ أساسي من الحياة، ما بين حقوقٍ وواجبات، وبالتالي فهو ليس منة ولا إكراهاً. ولا يعودُ شكل القانون في الأمم تلك القسوة التي فرضها صدام حسين، أو تعليق المشانق في حرم جامعة بنغازي، كما فعل معمّر القذافي. وإذا تأملنا خريطة العالم نجد أن القانون موازٍ للتقدّم والرقيّ. وتطبيقه لا يستوجب زعامة استثنائية، وإنما هو مسألة عادية يتولاها مدير الشرطة. كان القانون في ليبيا أيام الملك إدريس السنوسي، في أفضل حالاته يشرف على تطبيقه ضابطٌ واحد من آل الشلحي. وأيام النظام الملكي في العراق لم يعرف أحدٌ اسم وزير الداخلية أو مدير المخابرات أو مدير الشرطة. تغيّر كلّ شيءٍ بعد تلك المجزرة بحيث لم نعد نسمع إلا بأسماء وزراء الداخلية و«وجبات الإعدام» في ساحات بغداد.
ذلك لم يكن طبعاً القانون بل نقيضه تماماً. والذين يترحّمون اليوم على مرحلتي صدام والقذافي، يجب أن يتذكروا أن هذا الانفلات الرهيب في البلدين نتيجة لسقوط الأصول القانونية طوال أربعة عقود. أما العلم فلا بدّ أن نتذكّر أننا لم نعرف ابن خلدون آخر منذ ستة قرون. كل عامٍ يصدر في الغرب كتابٌ واحدٌ على الأقل عن ذلك العالم التونسي الذي أصبح مرجعاً أساسيا من مراجع علم الاجتماع والتاريخ. ومن يقرأ في سيرته وفي علمه يجد نفسه أمام أسطورة ليس من السهل أن تتكرر. ولكن أيضاً من الفشل ألا يظهر في أمته علماء آخرون في هذا المستوى خلال 600 عام. وخلال هذه الحقبة الطويلة ظهرت آلاف الأسماء من المنظّرين والجدليين والكلام المكرر ليس بينها اسم واحد شبيهٌ به. يعيد البعض السبب إلى عقلانية الرجل، والحال أنه كان رجلاً متديناً ورعاً، بعكس ما ألحق من تهمٍ بالعالم الآخر ابن رشد.
قال الدكتور فيليب حتي في كتابه الشهير «مختصر تاريخ العرب» إن ابن خلدون هو أعظم فيلسوف أطلعه الإسلام وأحد أعظم الفلاسفة والمؤرخين في كل العصور. وقد انطلق علماء الغرب من دراسته إلى تطوير علومهم في مجالاتٍ شتى بينما لا نزال نجهله أو نتجاهله.
على طريقة المتنبي وابن بطوطة طفق ابن خلدون في البلدان يطلب الجاه والثروة ومثلهما أيضاً ترك لنا في هذه التنقلات والتقلبات كنزاً من كنوز الفكر. حفظنا الأول بسبب متعة الشعر ومتعنا الثاني بسبب جمال الترحّل، ولم نهتم به كثيراً لأن لغة العلم، على ما يبدو، خالية من المتعتين.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتعتان المتعتان



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

ديمة الجندي تسترجع ذكرياتها مع حاتم علي

GMT 07:47 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

مرتضى يتحدى الجبلاية ويفتح النار على جنش والخطيب

GMT 15:02 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"رولز رويس" تكشف مكانة السيارات في الستينات

GMT 16:27 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيتي بيري تعاني إدمان التسوق والتبذير

GMT 11:35 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يشبه Photoshop يصل الهواتف الذكية

GMT 18:22 2020 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني تمثل مصر في نهائي جي بي مورجان للاسكواش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24