فردٌ وسط الجموع
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

فردٌ وسط الجموع

فردٌ وسط الجموع

 العرب اليوم -

فردٌ وسط الجموع

سمير عطا الله
سمير عطا الله

أرادت الشيوعية حلاً يُلغى فيه الفرد وتسود الجماعة، لكنها توصلت إلى بعض أسوأ الأحكام الفردية في التاريخ. شكلت مؤسسات للحكم، مثل المكتب السياسي، ومجالس الشعب، والمجلس الأعلى، وظل الزعيم واحداً. طبيعة الخلق أنها تقسّم نفسها على أفراد. كل المسرح الغربي ما كان ليكون من دون شكسبير. أبناؤه وإخوته وأبناء عمومته وجميع أبناء مدينته (ستراتفورد أبون إِيفون)، وسلالاتهم منذ 500 عام لم يقدموا (شكسبيراً واحداً).

كيف؟ العلم عنده تعالى، لكن كل شيء في الدنيا أفراد. يصح طبعاً أن نقول إن الشعب الألماني متفوق، ولكن عندما نريد أن نثبت ذلك علينا أن نبدأ بتعداد الأسماء؛ بتهوفن في الموسيقى، وغوته في الشعر، وبنز في السيارات، وبايرن في الطب، وأوبنهايمر في العلم، وكروب في الصناعة.

كل مجد أميركا عقول جاءت إليها من الخارج. فنانون صنعوا هوليوود، وتجار اشتروا نيويورك من المهاجرين الهولنديين، وعلماء صنعوا الطائرات، ومزارعون طوّروا الحقول من الفلاحة إلى أضخم إنتاج زراعي في الكون.

يقدر سعر لوحة «الموناليزا» للإيطالي ليوناردو دافنشي بـ45 مليار دولار. وفي الرسم عدد كبير من العظماء. وهناك جيوش من الفنانين الذين لا تصل أعمالهم أبعد من جدران المنزل. 400 مليون هندي حرّرهم رجل واحد يدعى غاندي. ولم يكن غاندي في الحقيقة ذلك الرجل شبه العاري الذي يمضي النهار في غزل النسيج، بل العبقري الذي درس أنماط شعبه، وكيف يمكن تعبئته، وبأي وسائل يمكن إبقاؤه بتلك الروح. لم يكن كما صُوّر لنا ببساطة، مجرد محامٍ مُنع من ركوب القطار مع البيض في جنوب أفريقيا، فقرر إلغاء سيطرة الرجل الأبيض في بلاده.
جميع الأفذاذ في التاريخ كانوا يتمتعون بجانب كبير من العبقرية، وليس فقط من القوة وحدها. نابليون، وصلاح الدين، وخالد بن الوليد، ومحمد علي باشا، ثلاثة أرباع قوتهم في العقل.
تبحث الشركات الكبرى عن أصحاب العقول في الجامعات. اثنان خرجا من الجامعة من دون أن يكملا رحلة العلم؛ بول غيتس، وستيف جوبز. الثالث الذي كان من الخمول بحيث لم يدخل الجامعة، كان اسمه توماس إديسون.

كل حقل من الحقول في الحياة قائم على «تفرد» رجل يعرف كيف يتميز في القيادة. يتسلم شركة، فيها 5 موظفين، ويحولها إلى 5 آلاف. يتسلم بلداً فيه مليار فقير، مثل الصين، ويحوّله إلى بلد فيه نصف مليار ميسور. أين هو دور الحزب الشيوعي والقيادة الجماعية والمكتب السياسي وسائر المسميات؟ لا شك في وجوده، لكن المميزين مجموعة أفراد.
الذين غيّروا أحوال العالم في القرن الماضي كانوا أفراداً، لا أحزاباً، ولا حكومات. رجال مثل ديغول، وتشرشل، وعبد العزيز بن عبد الرحمن، ونهرو، وغاندي، وبن بيلا، وميخائيل غورباتشوف، وبيار إليوت ترودو، ولي كوان يو.

كل واحد بنى دولته على طريقته، وأنقذها في أزماتها، وطوّر حياة شعبها في المراحل الصعبة. أعود إلى كتابة هذا الكلام اليوم لأن العالم يمرّ برمّته في مأزق حياتي هائل. والشعوب تنتظر من قادتها ونخبها أن تعبر بها فوق هذه الموجة الهائلة.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فردٌ وسط الجموع فردٌ وسط الجموع



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 10:11 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 15:01 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

يزعجك أشخاص لا يفون بوعودهم

GMT 13:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 16:13 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 14:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 09:57 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 14:13 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 14:21 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

قوات الاحتلال الإسرائيلي تحاصر مدرسة في بيت لحم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24