طرابلس في الجمهورية
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

طرابلس في الجمهورية

طرابلس في الجمهورية

 العرب اليوم -

طرابلس في الجمهورية

سمير عطا الله

قالت متظاهرة شابة أمام الكاميرا: «قبل اليوم، كنت أخاف حتى المرور في طرابلس، أما الآن فإنني أتمنى زيارتها فوراً». يختصر هذا القول البسيط تاريخاً طويلاً من الشعور بأن المدينة الثانية في لبنان، عالم خاص بها يختلف كل الاختلاف عن بقية البلد. وقبل الاستقلال وبعده بعقود، كانت تُسمّى «طرابلس الشام» تمييزاً لها عن طرابلس ليبيا التي كانت تُسمّى «طرابلس الغرب». وكان الطرابلسيون يفاخرون بالاسم ويعتبرون أنفسهم أقرب إلى سوريا منهم إلى الدولة المستقلة حديثاً. وقد بادلتها بقية المدن هذا التباعد، وأهملتها الدولة كما أهملت واجبات كثيرة، وجاء منها رؤساء حكومات أجلّاء، كان أبرزهم رشيد كرامي، الشريك الرئيسي في الحقبة الشهابية النقية. وعندما توفّي والده ومؤسس الزعامة العائلية، عبد الحميد كرامي، ألقى الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري قصيدة في رثائه ينتقد فيها بوضوح أركان الدولة اللبنانية، قال فيها:
«تنهى وتأمرُ ما تشاء عصابة - ينهى ويأمرُ فوقَها استعمارُ؛

خَويَت خزائنُها لِما عَصفَتْ بها الشّهَواتُ، والأسباط ُوالأصهارُ...»...
في السنوات الأخيرة، اعتبرت طرابلس المُهملة من قِبل العهود المتلاحقة، أنها معقل الأصولية. وكان البعض يسمّيها «قندهار». وقد نُزع من ساحتها الرئيسية تمثال عبد الحميد كرامي ورُفع مكانه نصب تكبيري: «الله أكبر». منذ تسعة أيام، خطفت طرابلس أضواء الثورة اللبنانية وتجمّع الألوف من أبنائها يرقصون ويهتفون طوال الليل والنهار ويصغون إلى الفِرق الغنائية ويرفعون الشعارات ضدّ الحكم وضدّ الطائفية ويرفعون خصوصاً آلاف الأعلام اللبنانية التي غطّت مساحة الجمهورية برمّتها.

في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وليس في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1943. أعلنت طرابلس انضمامها إلى الجمهورية اللبنانية وأرسلت التحيّات إلى صور والنبطية وبعلبك وسائر المناطق الشيعية. وهتفت للجيش اللبناني وأظهرت كل ما يؤكد انضواءها إلى البلد الذي طالما أخطأ في حقّ أهلها كما أخطأ في حقّ جميع الأهالي. عام 1920. أُعلنت ولادة الدولة اللبنانية، واليوم بعد قرن على ذلك، تعلن الناس في الشوارع والساحات، ولادة الوطن لبنان. ميثاق وطني لا يوَقّعه السياسيون بل مئات الآلاف من البشر. وثورة وطنية عارمة تلاحمت فيها النفوس وبدا من بقي خارجها أنه خارج الوطن. وأمام كل تلك الصفوف المتراصّة، تقدّمت طرابلس الجميع وأضاءت ساحتها بالمصابيح طوال الليالي. ومثل غيرها من هذه الساحات العظيمة التي لا تُصدَّق برغم سطوعها، أرسلت أطفالها وبناتها المحجبات وشبابها من متعلّمين ومحرومين وبدت مثل سواها، حورية من حوريّات النهضة الوطنية، إلا أنها تميّزت باللقب المستحَق: «عروس الثورة».

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرابلس في الجمهورية طرابلس في الجمهورية



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24