هزمنا
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

هزمنا

هزمنا

 العرب اليوم -

هزمنا

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

قاومت هذه الهزيمة طوال عمري. رفضت أن أصدّق ما أرى. كنت أضحك من نفسي، أخادعها، أراوغها، أقول لها إنّ لبناننا الحقيقي آتٍ ذات يوم وكلّ ما يصيبك عابر وطارئ وغريب، وليس لبنان.

كنت مصدّقاً أنّنا نستحقّ هذه النعمة: أن نولد على شرق المتوسط وفي سفوح أجمل جبال الشرق. مفترق حضارات، ملتقى ثقافات، مرتضى الشعوب. ليس صحيحاً ما قاله روديار كيبلنغ: «الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا». ها هما يلتقيان في بيروت، شرقاً لا غروب فيه.

الغريب أنّ الذين أُعطوا هذه النعمة استنكروها. والبعض احتقرها. والبعض باعها في الذهاب والإياب، وأُقيمت مصارف خاصّة بالخيانة. وكان لكلّ خيانة شعاراتها الكبرى وأفكارها الطاغية وبشارتها بالخراب والدمار وإزالة كلّ ما في فكرة لبنان من وحدة والتقاء وسماح. وبقيت على إيماني بأنّ هذا التفرّد العربي سوف ينتصر. ذات مرّة، كان نديم دمشقية سفيرنا في بريطانيا وآيرلندا، وطلبت منه الحكومة الآيرلندية أن يشرح لها كيفية الصيغة اللبنانية في التعايش. فعندهم مذهبان فقط (البروتستانت والكاثوليك)، وهم غير قادرين على العيش في هدوء. انتهت المأساة في آيرلندا. وهنا، في لبنان، لا نزال نتخاون ونتربّص ونعدّ للشرّ ونغوص في تفاهة الجدل العقيم وكلّ واحد يتآمر على الآخر والجميع يتآمرون على الحلم الجميل والصعب.

عندما تمّ تأليف لبنان قبل مائة عام من هذا المزيج، قال جبران خليل جبران: «يا قوم، كيف تأملون لهذا الكيان أن يعيش؟». ولكنّ بعضاً ظلّ يأمل، أليس هو البلد الذي أعطى جبران خليل جبران؟ أنكروا جبران خليل جبران أيضاً. اتّبعوا الغوغاء والسارقين ودناءة الفكر والخُلق. تضامنوا على تكسير الإناء الملوّن الجميل وباعوا حطامه كسرة كسرة. ويجب أن نعلن هزيمتنا. يجب أن نسلّم بأنّ الفوز كان لتفهاء السياسة والسماسرة الصغار ومنبت الضحالة التامّة.

لقد هُزمنا وانتصرتم. لن يبقى حتى علم نسير في ظلّه. تبقي الغوغاء خلفها، ما تتركه في كلّ مكان. ما من مرّة في حياتي توقّعت شيئاً آخر. الضحالة تلد الضحالة والتنك لا ينتج ذهباً بعد ألف عام. كتب نزار قبّاني: «سوف تقتلونه وتندمون». أنتم لن تعرفوا الفرق.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هزمنا هزمنا



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 12:35 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزيرة التخطيط تُنظم مائدة مستديرة لدراسة موقف الفقر في مصر

GMT 16:04 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

10 وزراء يشاركون فى افتتاح المؤتمر الـ 15 للثروة المعدنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24