عصا الراعي وحربة المقاتل
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

عصا الراعي وحربة المقاتل

عصا الراعي وحربة المقاتل

 العرب اليوم -

عصا الراعي وحربة المقاتل

بقلم -سمير عطا الله

كان ألبرتو مورافيا من أهمّ روائيي القرن العشرين. وبسبب موقفه الشجاع من القضية الفلسطينية، وصداقاته مع الأدباء العرب، نُقلت أعماله عن الإيطالية إلى العربية على نطاق واسع. غير أن انتشار رواياته أغفلنا عن مورافيا الأكثر روعة. ذلك الرحّالة الذي طفق يتأمّل مجاهل الأرض ومعالمها. وقد كشف لنا هذه الشخصية فيه، الرسام نبيل المهايني، الذي عاش في روما، وربطته مودّة وثيقة بالروائي. وقد نقل المهايني (دار المدى) إلى العربية، في نصّ جميل، واحدة من ثلاث رحلات إلى أفريقيا «إلى أي قبيلة تنتمي».
إنها لعبة الروائي والرحّالة. البحث في المشهد عن التفاصيل الخفية ومعانيها، ووضع الأسلوب الممتع في خدمة الموضوع. هكذا يصف طفلاً أفريقياً: «كان عارياً تماماً إلا من خيط من الخرز الأزرق، يحيط بخصره ويتدلّى بين ساقيه كأنه سروال داخلي صغير». عشق الأفارقة للألوان الزاهية. وكان يُقال إن المهاجرين اللبنانيين إلى القارّة خدعوا أهلها، فكانوا يعطونهم الخرز لقاء الذهب. لكن هنا يقول لنا مورافيا إن الذي بدأ هذه الخدعة كان تجّار البندقية في القرن الثامن عشر، أي قبل الهجرة اللبنانية إلى هناك بزمن طويل.
يرى مورافيا جنّة الألوان في السوق الأفريقية «قلب المدن الأفريقية التي تتجاوز وظائفها الحقيقية مسألة البيع والشراء، لأنه من دون السوق، تنطفئ الحياة الإنسانية في أفريقيا، وتعود إلى مرحلة الوحشية. إنه معرض وفي الوقت نفسه تجمّع ديني وسياسي، لقاء سحري، تبادل ثقافي وانفلات عشقي». يرى مورافيا الأفارقة في حركة دائمة «فرادى أو جماعات، يسيرون يوماً بعد يوم، فيولّدون الانطباع بأنهم في هجرة متواصلة وسط فراغ طبيعي شاسع مكتظّ بالقبائل لكنه بلا دول أو قوميات. وما الحدود إلّا رغبة فرضها الأوروبيون».
لا يكفّ مورافيا عن استخدام علامات الاندهاش: «الأفريقي يرقص حياته رقصاً. لهذا فإن في رقصته دائماً شيئاً مدهشاً أصيلاً، لا يمكن التنبّؤ به. وهو لا يعرف ماذا ينتظره من رقصه». وهو «مخلوق يسكنه الخوف على الدوام، ولذا، دائماً يحمل بيد عصا طويلة وبالأخرى حربة يقاتل بها الحيوانات المفترسة التي لا يعرف من أين تطلّ». ويشبّه مورافيا خوف الأفريقي بالزرافة الخائفة أبداً، تهرع دائماً إلى الأمام، وهي تتلفّت بعنقها الشامخ إلى اليسار واليمين».
كل شيء في أفريقيا يعود إلى ما قبل التاريخ. الغابات المطرية ومساحات السافانا التي تمتدّ من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي دون انقطاع: لون واحد، أخضر، على مدى آلاف الأميال ثم يتحوّل إلى أسود لآلاف أخرى. لون الأنهر القديمة والأشجار الهرمة التي سقطت من تلقاء نفسها بسبب رتابة السنين.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصا الراعي وحربة المقاتل عصا الراعي وحربة المقاتل



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

ديمة الجندي تسترجع ذكرياتها مع حاتم علي

GMT 07:47 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

مرتضى يتحدى الجبلاية ويفتح النار على جنش والخطيب

GMT 15:02 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"رولز رويس" تكشف مكانة السيارات في الستينات

GMT 16:27 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيتي بيري تعاني إدمان التسوق والتبذير

GMT 11:35 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يشبه Photoshop يصل الهواتف الذكية

GMT 18:22 2020 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني تمثل مصر في نهائي جي بي مورجان للاسكواش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24