الأدب الصغير
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

الأدب الصغير!

الأدب الصغير!

 العرب اليوم -

الأدب الصغير

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كم هو شاسع وعميق الفارق بين كتابة «المذكرات» و«اليوميات». الأولى رحلة في السيرة الذاتية والتاريخ والأحداث. والثانية تدوينات شخصية، وتفاصيل لا تعني أحداً ولا يعود لها أي أهمية على الإطلاق بعد غياب صاحبها، أديباً أو شاعراً أو سياسياً.

تكون لدي هذا الاقتناع منذ زمن طويل. لكنني وضعت نفسي مؤخراً فيما يشبه الامتحان المدرسي من أجل أن أتأكد من أنني لست على خطأ. انتقيت «يوميات» ثلاثة: جورج أورويل، أبرز كتاب بريطانيا في القرن الماضي، وفيرجينيا وولف أبرز أديباتها، ومارسيل بروست، صاحب «البحث عن الزمن الضائع» وأشهر كتاب فرنسا.

تساءل فرنسوا مورياك وهو يقرأ رسائل بروست، «كيف لهذا العبقري الذي كتب (الزمن الضائع) أن يكتب هذه الترهات التي لا قيمة لها. وإذ تقرأ يوميات جورج أورويل في حوالي 450 صفحة، تكتشف أن ثمة أربع أو خمس صفحات في البداية عن الفترة التي قضاها مشرداً ينام على الأرض في ساحة ترافلغار، مع المشردين والذين بلا مأوى. الباقي بلا أي أهمية، حتى للباحثين الذين سوف يكتبون سيرته فيما بعد. أو للمؤرخين الذين سوف يكتبون عن المرحلة. ولا مقارنة إطلاقاً بين هذا السرد المكرر والمستطرد وبين العمل الدرامي الذي صور فيه فترة تشرده في باريس، تحت عنوان (مشرداً ومنبوذاً في باريس)».

تقرأ فيرجينيا وولف إلى الآن، بسبب العمق الإنساني الفلسفي، ومرحلة الحياة في بريطانيا، ومعاناتها الشخصية، ودورها الريادي في أدب المرأة في الغرب. لكن يومياتها أشبه بيوميات معلمة مدرسة تعاني الملل في الريف البريطاني. لا أحداث تعني شيئاً لأحد. لا أسماء تعني شيئاً لأحد. دفتر - مع الاعتذار - أشبه بدفتر عمدة البلدة. كيف سمحت لنفسها هذه الأديبة العظيمة بمثل هذا الهبوط. ربما لأن هذا النوع الأدبي كان شائعاً في تلك الأيام، هو و«أدب الرسائل» الذي أجاده البعض وسقط فيه البعض الآخر، ومنهم بروست، الذي ما زال «زمنه الضائع» يثير إعجاب الآداب العالمية حتى اليوم.

لم ينتشر هذان النوعان في العالم العربي، فيما عدا الرسائل الشهيرة في العصور القديمة مثل «رسائل إخوان الصفا»، أما «اليوميات» فنادرة جداً، ربما بسبب التقاليد. وأكثر ما اشتهر الرسائل المتبادلة بين مي زيادة وجبران خليل جبران، هي في القاهرة في عز عصر النهضة، وهو في نيويورك في عز «الرابطة القلمية» وكتاب المهجر. ولم يلتقيا.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأدب الصغير الأدب الصغير



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 12:35 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزيرة التخطيط تُنظم مائدة مستديرة لدراسة موقف الفقر في مصر

GMT 16:04 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

10 وزراء يشاركون فى افتتاح المؤتمر الـ 15 للثروة المعدنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24