ألوان الساحات
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

ألوان الساحات

ألوان الساحات

 العرب اليوم -

ألوان الساحات

بقلم -سمير عطا الله

في غمرة الصخب والغضب في ساحات بيروت وبغداد، خلال الأشهر الأخيرة، برزت ألوان ولوحات الفنانين بجمالها وروعتها، ولو ظهر فيها أحياناً لون الدماء الذي تنفرد به قوات الميليشيات، التي أصبحت رمز السلطة في العالم العربي.
لطالما أحببت الرسم في العراق، واعتبرته متقدماً على العرب الآخرين، لكنني لم أحب أن أراه يوماً في الساحات، يحاول بألوانه الرائعة أن يصارع مجموعات القتلة والقناصين والرعاع. وكنت أحب أيضاً الفن في لبنان، لكنني لم أكن أدري أن عدد الرسامين قد ازداد إلى هذا الحد، وبهذا المستوى. وقد بدت لي ساحات بيروت المحتشدة بالمتظاهرين مثل معرض فني في الهواء الطلق مع أنه يمثّل معالم الثورة والصخب. ومن بين الدماء والرصاص والهراوات في بغداد، كنت تلمح دوماً شيئاً من لوحة رسمها فنان عراقي على عجل وفي شجاعة وخوف معاً.
مشكلة اللوحة السياسية، مثل شعر المناسبات، أنها لا تدوم طويلاً إلا النادر منها. وما إن تمضي المناسبة حتى ويمضي لونها معها، شعراً أو رسماً. قلّة كان الكبار الذين حوّلوا الحدث إلى ملحمة، من المتنبي إلى الجواهري. وما بينهما غاب مئات الشعراء دون حدث. ودخلت لوحات «سياسية» أو وطنية التاريخ، مثل «غورنيكا» بيكاسو عن الحرب الأهلية الإسبانية، لكنني لا أعتقد أن «غورنيكا» أخرى سوف تخرج من ساحات بيروت أو بغداد. وفي أي حال ساحات بيروت أقفرت الآن، فيما لا تزال الميليشيات الصدرية تقنّص المنتفضين في مدن العراق مثل الطيور. ميليشيات لبنان اكتفت - مشكورة - بالهراوات الحديدية، وإحراق الخيم التي تُعقَد فيها الندوات وتُعزَف فيها الموسيقى. وكان ذلك بحماية الجيش وقائد فائق الرقي كثير الخلق ووافر الصدق الوطني، هو العماد جوزف عون.
مثل العراق كان لبنان بلا حكومة، وغارقاً في فوضى سياسية عارمة، لكنّ قائد الجيش أدار لعبة التوازن وحال دون توحّش السياسيين وعسفهم وشهواتهم. لذلك لم تتخضّب الساحات بالدماء كما حدث في العراق. وظلّ اللون الأحمر في اللوحات وعلى الجدران. وهنا أيضاً شوّهت بعض الأيادي جمال بيروت بالكتابات البشعة، ولعلّه أقبح ما حدث للخط العربي الذي كان أجمل لوحاتنا في التاريخ. فقد عوّضت روعة الخطوط ولعبة الألوان عن جمال اللوحة في الغرب. وأصبح الحرف في جمال صورة غابة أو بحر. أيضاً كان أجمله في العراق، وأحبه في الكوفة.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألوان الساحات ألوان الساحات



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

ديمة الجندي تسترجع ذكرياتها مع حاتم علي

GMT 07:47 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

مرتضى يتحدى الجبلاية ويفتح النار على جنش والخطيب

GMT 15:02 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"رولز رويس" تكشف مكانة السيارات في الستينات

GMT 16:27 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيتي بيري تعاني إدمان التسوق والتبذير

GMT 11:35 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يشبه Photoshop يصل الهواتف الذكية

GMT 18:22 2020 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني تمثل مصر في نهائي جي بي مورجان للاسكواش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24