مفكرة الرياض دعابة روسيا
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

مفكرة الرياض: دعابة روسيا

مفكرة الرياض: دعابة روسيا

 العرب اليوم -

مفكرة الرياض دعابة روسيا

بقلم -سمير عطا الله

الشعوب تعمم الأوصاف على الشعوب الأخرى من دون تروٍّ: بساطة الصعايدة. بخل «الإنجليز». سذاجة البلجيكيين. لكن جذور الصعيد حملت جمال عبد الناصر وجيهان السادات ومحمد حسنين هيكل وألمع الصحافيين، أحمد بهاء الدين وطه حسين وحافظ إبراهيم.
دخلت مكتب سفريات في موسكو أيام السوفيات وحاولت التودّد البريء إلى الموظفة فنهرتني قائلة: «ما الذي يضحكك؟» طرحَت السؤال كأنها عقيد في دائرة الهجرة في وزارة الداخلية. شعرت بالكدر، لكنني تنبّهت إلى أن الروس شعب لا يعرف الدعابة ولا المفاكهة. الأدب الروسي رائع لكنه قاتم وجافّ. صحيح أنه تغلب عليه المأساة وليس مطلوباً منها أن تضحك أو تسخر، لكن الضحكة تظهر فجأة ودائماً في أحلك لحظات الأدب الإنجليزي. أو ترى لنفسها مكاناً عند طه حسين وهو في أقصى حالات الجدّية.
في بلجيكا ينقسم أهل البلاد إلى الوالون والفلامون، باسمين وقاتمين. وقد سألت موظف الاستقبال في أحد فنادق بروكسل لماذا هو مكفهر دائماً، فأجاب بكل جدّية: «زميلي في نوبة المساء ضاحك أبداً، ولن يستطيع أن يؤدّي لك خدمة واحدة. نحن عابسون موثوقون». حتى الدعابة خشنة في الأدب الروسي، والمزاح فجّ. يقول سومرست موم إن الروسي عندما يضحك، لا يضحك معك بل عليك و«أنت لا تستطيع أن تضحك معه لأن ممازحته ثقيلة. إن الدعابة عند دوستويفسكي لا تتعدّى ربط ثور من ذنبه والسخرية منه». هل الروس الجدد أيضاً قاتمون؟ الروس الجدد يقولون إنهم ليسوا قاتمين. وهم يتبادلون النكات في كل المناسبات السياسية، مثل اجتماع بوتين وترمب. لكن النكتة دائماً على ترمب، أو على الآخر أيّاً كان. تقول إحداها إن بوتين اتّصل بندّه الأميركي يطلب منه الاهتمام بموضوع أوكرانيا، فقال له: «ما هي أوكرانيا هذه؟». فأجابه بوتين: «شكراً، لا تتعب نفسك».
أيام الاتحاد السوفياتي والكتلة الاشتراكية، كان البولنديون هم من يؤلّف النكات على الوضع المعيشي ونقص المواد الغذائية. وكان «الروس يضحكون للنكتة في المرة الثالثة، عندما يستوعبون المقصود منها». وربما خوفاً أيضاً، لأن النكات كانت تؤدّي إلى السجون مثل الإشاعة أو الافتراء. وفي تلك المرحلة كانت النكات السياسية تزدهر وتُردَّد في مصر، أيام عبد الناصر والسادات. وقد أُدخل ساخر الصحافة السجن عندما ضُبط يقول في مكالمة هاتفية لصديق له: «الأوِّل موِّتنا من البُكى، وده ها يموِتنا من الضحك».
الدعابة في مصر، مثلها في بريطانيا، أكسجين الحياة. رسام الكاريكاتير فيها، نجم مثل كبار الكتّاب. وأكثر الكتّاب أهمّية وجدّية، نجيب محفوظ، كان أيضاً من أظرف رواة النكتة وصانعيها. وكانت بيروت تنتظر زيارة محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش لتضحك لآخر نكات مصر. أمّا أظرف وأغنى الرواة فكانا، وحش الشاشة فريد شوقي ومجرمها الأكبر محمود المليجي. وقد غاب كلاهما وهو يزرع الرعب في قلوب المشاهدين والضحك في قلوب أصدقائه.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة الرياض دعابة روسيا مفكرة الرياض دعابة روسيا



GMT 16:13 2021 الخميس ,18 آذار/ مارس

بعض الأخبار من مصر وايران وفرنسا

GMT 19:04 2021 الإثنين ,15 آذار/ مارس

البابا فرنسيس في العراق

GMT 20:02 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 19:25 2021 الثلاثاء ,09 آذار/ مارس

ليبيّات فبراير والصوت النسائي

GMT 20:13 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

ديمة الجندي تسترجع ذكرياتها مع حاتم علي

GMT 07:47 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

مرتضى يتحدى الجبلاية ويفتح النار على جنش والخطيب

GMT 15:02 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"رولز رويس" تكشف مكانة السيارات في الستينات

GMT 16:27 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيتي بيري تعاني إدمان التسوق والتبذير

GMT 11:35 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يشبه Photoshop يصل الهواتف الذكية

GMT 18:22 2020 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني تمثل مصر في نهائي جي بي مورجان للاسكواش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24