تونس الأيام الصعبة على الأبواب
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

تونس: الأيام الصعبة على الأبواب

تونس: الأيام الصعبة على الأبواب

 العرب اليوم -

تونس الأيام الصعبة على الأبواب

بقلم -عبد اللطيف الفراتي

تشكّلت الحكومة الجديدة في تونس بعد صعوبات جمّة، برئاسة إلياس الفخفاخ، وانتظر الناس الإعلان عنها إلى آخر لحظة في المهلة الممنوحة للمُكلَّف لتكوينها، بين إكراهات رئاسة الجمهورية التي تُريد أن تسترجع صلاحياتها الواسعة، كما كان الأمر أيام الرئاسة الرئاسية، وهو ما أفصح عنه رئيس الجمهورية بشرعية الـ72 في المئة من الجسم الإنتخابي للأصوات، مُعتَبراً نفسه الرئيس الأوحد للبلاد، لا يُنافسه في التسمية أحدٌ، والوحيد الذي له حق التأويل النهائي للدستور في غياب محكمة دستورية، عملت حركة “النهضة” طيلة 5 سنوات منقضية على تعطيل قيامها عبر إرادة فرض سيطرتها عليها، والمؤكد أنها اليوم نادمة وتعض على أصابعها من أجل ذلك، وبين إكراهات ما حاولت أن تفرضه “النهضة”، الحزب الأول، ولكن فقط بنسبة 20 في المئة من عدد النواب في مجلس نواب الشعب مباشرة، و33 في المئة من مجموع النواب باعتبار أعضاء “إئتلاف الكرامة “، المعتبر بمثابة “زائدة دودية” ل”النهضة” يأتـمر بأوامرها.

ورغم الوضع الإقتصادي الإجتماعي المتدهور بشكل خطير، بنسبة نمو صفر في المئة في الثلاثي الرابع  من 2019، وواحد في المئة على مدى السنة ، فالحكومة الجديدة تواجه بعد نيل الثقة وضعاً سياسياً مُهتَزّاً لثلاث اعتبارات متضافرة  فضلاً عن الصعوبات الاخرى :

أوّلها أن رئيس الحكومة، وينعته جزء كبير من الطبقة السياسية بالوزير الأول، باعتبار أنه لا يتمتع هو شخصياً بأي سند شخصي في البرلمان، أو بحزام يتمتع به يساوي صفراً من النواب، ويعتبر أن ثقة رئيس الدولة، هي مرجعه في كلمة إعلان حكومته وتركيبتها، وبالتالي فهو لا يتجاوز أن يكون  كمَن يعيش في ظل وضع لا سيطرة له عليه ولا حول ولا قوة.

ثانيها أن استمرار حكومته وعدم إسقاطها بعد فترة قد تطول وقد تقصر، باعتماد لائحة لوم تبقى سيفاً مُسَلطاً. بل هناك من بدأ ينادي بذلك، حتى قبل دخولها في عملها الفعلي ومنحها الثقة، على أساس أن الأحزاب السياسية تجنبت عدم التصويت السلبي لحكومة الفخفاخ، خوفاً من حلّ البرلمان الذي اعتبرته تلك الأحزاب، مغامرة غير مأمونة العواقب، لاحتمالات تغييرات في تركيبة مجلس، قد يزداد تشتتاً على تشتته، وقد تصبح فيه عبير موسي وحزبها الرقم الأول كما تتنبأ به بعض مراكز استطلاع الرأي، ثم أيضاً لتخوّفات مشروعة لدى أعداد كبيرة من النواب الذين يصيبهم الخوف من عدم عودتهم للنيابة في حال إجراء انتخابات سابقة لأوانها، خصوصاً وأن بعضهم قد تورط في قروض ثقيلة على فرض بقائهم في أماكنهم للتمكن من سدادها، كما قال النائب ياسين العياري.

ثالثاً، إن احتمالات سيطرة إلياس الفخفاخ على حكومته يبقى محل أخذ ورد، على اعتبار، أنه لا يتمتع بشخصية كاريزماتية، أو أنه ليس ممَن يتمتع بقبضة حديدية لفرض توجهات معينة على حكومته، مما يحتاج قرارات جريئة وصادمة وموجعة، باعتبار الوضع الكارثي الذي تركته حكومة يوسف الشاهد والأشبه بالإفلاس، إلى عدم وجود الشخصيات القوية التي تتمتع كما يقال “بكنش معارف” ذات تأثير على الصعيد الدولي ، بعد أن تم استبعاد محمد فاضل عبد الكافي وبن حمودة وبن مصباح ، وغيرهم ممن لهم خيوط اتصال وثيقة مع الخارج وخصوصاً المؤسسات المانحة.

كل ذلك وحكومة الفخفاخ هي حكومة مفخخة،  بشخصيات ربما تتجاوز العشرة من “النهضة” معلنين وغير معلنين، وشخصيات قوية من التيار الديموقراطي ومن حركة الشعب،  بحيث قد لا يكون الفخفاخ يملك غالبية بين وزرائه،  لتمرير برنامجه إن كان له برنامج، وحتى العقد الذي اقترحه الفخفاخ والذي لا يرقى إلى برنامج حكم،  لم يُوقِّع عليه أحد ممن دخلوا الحكومة بدون اتفاق حتى على ملامح برنامج.

تونس اليوم في حضرة لي ذراع بين رئيس دولة،  يُريد استعادة صلاحيات رئيس جمهورية يتمتع بصلاحيات واسعة، واعتقاده أنه هو الرئيس الوحيد في الدولة والأحق بتسميته الرئيس بكل تعريف، فيما الرؤساء الآخرون تضاف لرئاستهم  صفتهم كرئيس الحكومة، أو رئيس البرلمان، أو رئيس هيئة الانتخابات وغيرهم من الرؤساء ، فيما يعتقد رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي أنه بصفته تلك فهو المؤتمن على الشرعية الشعبية أي الشرعية السيادية المنبثقة من الشعب، في نظام شبه برلماني، وكلاهما لن يتسامح مع الآخر، مما سيقود البلاد نحو أوضاع غير سليمة، ستتضح معالمها عند أول مناسبة لمواجهات متوقعة: فهل سيمضي رئيس الدولة على قانون اعتماد عتبة الـ5 في المئة، وهل سيوقع على قانون منح النواب جواز سفر ديبلوماسي. فقط للذكر، في سنة 1985 كنت في سفر إلى الشرق الأوسط، وفي مطار روما كان وزير الخارجية يومها المرحوم الباجي قائد السبسي في الوقت نفسه، في اتجاهه إلى صنعاء مرفوقا بديبلوماسي تونسي كبير، كان كاتب دولة، وبعد مرور قائد السبسي أمام الأمن العام الإيطالي، جاء الدور على كاتب الدولة التونسي، فأمره عون البوليس بفتح حقيبته الديبلوماسية، فأرغى وأزبد ورغم تدخل الوزير، تم الإصرار على فتح الحقيبة، وإذ حلّ رئيس العون، فقد أمر كاتب الدولة بفتح حقيبته، وتدخل يومها القائم بأعمال السفارة، ليَهمس  للمعني التونسي،  بأن الجواز الديبلوماسي لا فائدة له إلا في بلد الإعتماد، ولما كان كاتب الدولة غير مُعتمَد لا في روما ولا في الفاتيكان ، فإن الجواز الديبلوماسي لم يكن ليسمح له إلا بالمرور من الممر الخاص بالديبلوماسيين  تجاوزاً وليس حقاً، دون أن يعفيه ذلك  من أن يكون مُطالَباً بفتح حقيبته وحتى بتفتيشه وفقا لميثاق فيينا. وقد اضطر يومها كاتب الدولة لفتح حقيبته ، فمرّ حتى بدون أن ينظر العون إلى محتوياتها.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس الأيام الصعبة على الأبواب تونس الأيام الصعبة على الأبواب



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24