الأميركيون نصحوا لقمان سليم بمغادرة لبنان فلم ينتصح
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

الأميركيون نصحوا لقمان سليم بمغادرة لبنان فلم ينتصح!

الأميركيون نصحوا لقمان سليم بمغادرة لبنان فلم ينتصح!

 العرب اليوم -

الأميركيون نصحوا لقمان سليم بمغادرة لبنان فلم ينتصح

بقلم : هدى الحسيني

   في اتصال مع ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط وصديق لقمان سليم، وصفه بصاحب الشخصية الرائعة، والشجاع واللبناني الصرف «كان يؤمن بالحرية وقيمها وكان يعد (حزب الله) أداة إيرانية لتقسيم الشيعة في لبنان، ويرفض أن يتخذ الحزب القرارات المتعلقة بلبنان». يضيف شنكر أنه تم تهديد لقمان عدة مرات ولم ينحنِ. يقول إنه قبل 3 سنوات وقبل عمله في الإدارة، أخبره لقمان بأن السفارة الأميركية في بيروت جاءت إليه وكانت السفيرة آنذاك إليزابيث ريتشاردز، وأبلغته أن لديها معلومات مؤكدة أن «حزب الله» ينوي اغتياله، واقترحت عليه مغادرة لبنان، وهذا يسمى في العرف الدبلوماسي: واجب التحذير، لأن من واجب السفارة إبلاغ أي شخص مهدَّد بالأمر. لكنّ لقمان رفض وردّ بأنه باقٍ ليصارع من أجل بلده. يضيف شنكر أن لقمان أبلغه بالقصة عندما وقعت، «وبالطبع هذا صحيح».

لماذا القتل الآن؟ أسأل، ويجيب: «إن (حزب الله) وإيران يعتقدان أن إدارة الرئيس جو بايدن تريد بأي ثمن العودة إلى الاتفاق النووي، وبالتالي لن تحمّل مسؤولية اغتيال لقمان وهذا النوع من العمليات الوحشية للحزب أو لإيران».
يقول شنكر: «عرف لقمان مسبقاً كيف ستنتهي حياته. القتلة مثل المافيا، إن لم تفعل ما يطلبونه منك، يقتلوك. لقمان كان ينتقد الحزب و(أمل)، للفساد والسلاح الفالت. كان يريد التخلص من كل الأحزاب المسلحة، فهذه ميليشيات، لكن لا اقتصاص من القاتل في لبنان». وأقول لشنكر: إن جماعة الحزب تردد في لبنان أن أميركا وإسرائيل قتلتا لقمان لأنهما باغتياله تستطيعان تحقيق ما لم يستطع هو القيام به في حياته؟ فيجيب: «ألهذا السبب مدح ابن حسن نصر الله عملية القتل؟ لن أرد على هذا الهراء. اعتاد (حزب الله) ألا يتحمل مسؤولية أي شيء، لديه دائماً ما تسمى المؤامرة. الكل يعرف أن الشخص الوحيد الذي أدانته المحكمة الخاصة باغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء الأسبق، كان من (حزب الله). لا يوجد مستقلون في الحزب. يؤمر القاتل من الرئيس بارتكاب جريمة على غرار المافيا. يعلم الجميع أن (حزب الله) ساعد بشار الأسد على ارتكاب إبادة جماعية ضد شعبه. لدى الحزب وجهة نظره الخاصة في إنقاذ الأسد لكنه ساعد في قتل 500 ألف سوري معظمهم من السُّنة. وأخيراً يعلم (حزب الله) أنه قتل لقمان، والأخير كان يعرف قاتليه وتحدث بحرّية كيف سيموت وعلى يد من».
نعم، لقد كتب لنا لقمان سليم أسماء قاتليه ورسم لنا صورهم ووقّع على البيان. لم يختفِ عندما فعل ذلك، ولم يكتفِ بالظهور بعدها عبر الفيديو وهو مختبئ، بل استمر يعيش حياة طبيعية، فهو في بيانه عام 2019 حمّل الدولة والأجهزة الأمنية والجيش مسؤولية حمايته وحماية عائلته. لكنّ الدولة غير موجودة في لبنان، والمؤسسة العسكرية التي لا تتردد في فرز عنصرَي أمن لمرافقة زوجة أي ضابط حتى وهي تتبضع حوائجها، لم تتنازل بوضع عنصر أمن واحد على الأقل ليحمي رجلاً عملاقاً بالفكر مثل لقمان.
كان ذلك عندما كتبوا على جدران دارته في محلة الغبيري من الضاحية الجنوبية، المنطقة التي احتلها «حزب الله» وجعلها معقلاً له في ديسمبر (كانون الأول) 2019: «سقطت كل المحرمات، لا سلام مع العملاء... المجد لكاتم الصوت... ناطرينك، جاييك الدور، لقمان سليم الخاين العميل... محسن سليم ولقمان سليم خونة».
لقمان ابن محسن سليم خائن؟ محسن سليم المحامي الجريء الذي تولى قضية اغتيال صاحب جريدة «الحياة» الصحافي كامل مروة، على يد قاتل محترف كان يعمل لصالح الاستخبارات المصرية في الحقبة الناصرية. آنذاك تحدى محسن سليم كل التهديدات بالقتل في لبنان وصدر الحكم بحق القاتل. كما دافع عن الأديبة ليلى بعلبكي عندما منع الأمن العام نشر روايتها الجريئة «سفينة حنان إلى القمر» وربح الدعوى. وقد نشرت الكتاب وجعلت مقدمته مرافعة البراءة التي أدلى بها محسن سليم. حدث ذلك يوم كان هناك قضاء وكان هناك محامون شجعان في لبنان.
لم يكن لقمان العدو الشرس لـ«حزب الله» و«أمل» فقط، بل كان العدو الشرس لكل النظام الفاسد في لبنان، وكان الصامد الشجاع دفاعاً عن حرية الاقتناع، والأفق الثقافي الواسع، والانطلاق في تعميم العلم والفكر والبحث والنقاش. رسم نقطة البداية ونقطة النهاية وكان ما بينهما فقط: لبنان المستقل، الحر والسيد. فتح منابر الإشعاع التي كانت قناديلها الاستقلال، والحياد وعدم التبعية لإيران. مع لقمان كان يمكن أن تطرح ما شئت من أفكار، كان يقول كل شيء بأعلى صوته، كان الجميع يرونه، يتحدثون إليه، كان موجوداً في الصيف والشتاء، وكان يجول في كل مكان، سلاحه للحماية البيان الذي كتب عليه أسماء قاتليه.
مَن قتل لقمان هي الدولة، كما فعلت بتفجير المرفأ، صمّت أذنيها وأغلقت عينيها وظل البيان في الملف. ربما لم تجرؤ، لأنها لا دولة وهي محكومة. تعتقد الآن أنها تقوم بواجباتها بالدعوة إلى إجراء تحقيق لمعرفة القاتل. نتحدى الدولة بكل أجهزتها السياسية والأمنية أن تُقْدم على هذا الفعل، وتصل إلى القاتل.
كان العميد ريمون إده، الذي كان محسن سليم ينتمي إلى حزبه «الكتلة الوطنية»، يقول لياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية والذي كاد عبر «اتفاق القاهرة» يحكم لبنان: «ائتني فقط بزرّ بدلة جندي إسرائيلي وسأقتنع بأنك تقاتل إسرائيل». وهكذا الأمر مع «حزب الله» الذي قال إنه يحافظ على سلاحه وصواريخه ليقاتل إسرائيل، فإذا به يقتل اللبنانيين.
ثم، هل أصبح الرابع من كل شهر يوم شؤم على اللبنانيين؟ الرابع من أغسطس (آب) تم تفجير بيروت، وكانت كل الدولة على علم بالخطر القابع في مرفأ بيروت، ولم تجرؤ على الكلام. مَن منعها؟ في الرابع من هذا الشهر قُتل لقمان سليم. فهل سيكون الرابع من الشهر المقبل موعد اغتيال أو محاولة اغتيال البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي قال يوم الأحد الماضي، إن لبنان بحاجة إلى مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لبحث قضيته ووضع إطار سليم لتنظيم معيشة أبنائه في ظل التعددية واحترام قيمة وحرية الإنسان والحياد الإيجابي، والانفتاح الإنساني على كل الأمم والمجتمعات والشعوب! مواقف كان يرددها لقمان الذي أدان البطريرك قتله على يد الشناعة والبشاعة اللتين تجعلان من لبنان بلاداً دموية قذرة.
أربع رصاصات في الرأس؟ ألهذا الحد كان رأس لقمان المليء بالبلاغة والشجاعة يخيف قاتليه؟ لم يَحُل رأسه بينهم وبين تحرير القدس. لم يغلق برأسه طرق إمدادات الصواريخ التي يتلقونها من إيران. رأسه المليء ثقافةً وإلماماً وإشعاعاً وحرية دفعه سياسياً لرفع الصوت منعاً للمسّ بالحريات. كم يشبه اغتياله اغتيال الصحافي صاحب «الحوادث» سليم اللوزي. أربع رصاصات في رأس لقمان، وتذويب ذراع اللوزي اليمنى بالأسيد.
كانت الساعة الواحدة والنصف فجراً بتوقيت لندن عندما تلقيت خبر «اختفاء» لقمان، وقلت لمحدّثي: لم يُخطف لقمان ليعاد إطلاق سراحه. وتذكرت قول الكاتب الفرنسي ألبير كامو: «أدركت أنه لا يكفي أن تندّد بعدم العدالة، بل يجب إعطاء حياتك من أجل القضاء عليها».
في البدء لم يتهم أحد «حزب الله» باغتياله، بل جاء الاعتراف من جواد حسن نصر الله، قائد جهاز الأمن الخاص للحزب، كما قيل، وقبل أن يعرف أحد أن لقمان صار جثة، حيث غرد: «خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب # بلا أسف». ثم ادّعى أنه لم يكن يعرف، وذكّرنا هذا بمقولة: «لو كنت أدري»، وغرد ثانية ساخراً، وكأن علينا السمع والطاعة: «مهلاً يا 3 مليون كونان!!!»، وعاد ليمحو هذه ويقول: «منعاً للبس والاستفراغ الأخلاقي لدى البعض الذي صار معروفاً بتفاهته في مقاربة الأمور».
للسيد جواد حسن نصر الله نقول: إن تغريدتك الأولى ربما كانت مقصودة للإبلاغ وبسرعة مَن يهمه الأمر أن عملية القتل قد تمت، إذ بعدها أُذيع الخبر لتتهم جنابك 3 ملايين لبناني بالاستفراغ السياسي. لقد أصبتنا بالغثيان».
لم نفاجأ بمقتل لقمان، إذ على جسر في الضاحية الجنوبية حيث ترتفع أعلام «حزب الله» كُتبت العبارة التالية: «إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله شهادة»!
بعد هذا الاعتراف برزت نخوة الهروب من المسؤولية ومن الخوف من العقاب لدى أحزاب الممانعة ولدى الدولة. الكل طالب بالتحقيق والكشف عن القاتل، كأن القاتل مجهول.
لقد قُتل لقمان لأنه أخاف قاتليه. المؤلم في عملية القتل أن أميّاً، جاهلاً، نكرة، ومأموراً ملأتموه حقداً ليقتل ضوءاً. إذا استمررتم على هذه الحال بقتل العقول والقيم لن يبقى في الساحة سوى جهل اعتاد القتل.
لقد نفّذوا تهديدهم: المجد لكاتم الصوت. أما نحن فسوف ننفّذ مطلب لقمان: المجد لكاتم الخوف. ولن يخاف اللبنانيون. صفر خوف، وسنبقى.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأميركيون نصحوا لقمان سليم بمغادرة لبنان فلم ينتصح الأميركيون نصحوا لقمان سليم بمغادرة لبنان فلم ينتصح



GMT 16:13 2021 الخميس ,18 آذار/ مارس

بعض الأخبار من مصر وايران وفرنسا

GMT 19:04 2021 الإثنين ,15 آذار/ مارس

البابا فرنسيس في العراق

GMT 20:02 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 19:25 2021 الثلاثاء ,09 آذار/ مارس

ليبيّات فبراير والصوت النسائي

GMT 20:13 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 09:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 14:20 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

كن دبلوماسياً ومتفهماً وحافظ على معنوياتك

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 17:07 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 12:59 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 04:49 2019 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:04 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فخامة الألوان القاتمة في غرف النوم

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

اللاذقية ضبوط تموينية بحق 4 محطات وقود مخالفة

GMT 11:07 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

عمر البشير يُصارع من أجل البقاء وسط احتجاجات تُطالب برحيله

GMT 17:38 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

إطلاق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين في الخرطوم

GMT 05:20 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيم كارداشيان و لايفلي تتألقان بالفضي في "فيرساتشي"

GMT 09:12 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

خضوع ميغان ماركل ووالداتها للوزن بعد عشاء عيد الميلاد

GMT 19:46 2020 الخميس ,14 أيار / مايو

مسيرة فيتيل مع فيراري حافلة بالأحداث

GMT 12:35 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

الحجاب بطريقة عصرية لشهر رمضا ن القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24