المؤتمر بلا علي عبدالله صالح
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

"المؤتمر" بلا علي عبدالله صالح!

"المؤتمر" بلا علي عبدالله صالح!

 العرب اليوم -

المؤتمر بلا علي عبدالله صالح

بقلم - خير الله خير الله

في السنة 2018، تمرّ ذكرى تأسيس "المؤتمر الشعبي العام" في غياب علي عبدالله صالح، هل لا يزال هناك مكان لهذا الحزب في اليمن، أم أنّ "المؤتمر" انتهى مع علي عبدالله صالح؟

“المؤتمر” هل انتهى مع علي عبدالله صالح؟

قبل سنة وبضعة أيّام، في الرابع والعشرين من آب – أغسطس 2017، كتب علي عبدالله صالح الفصل ما قبل الأخير من المواجهة مع الحوثيين (أنصار الله) الذين كان وراء ظهورهم بعد العام 1994. تمرد هؤلاء عليه بعدما قوي ساعدهم لاحقا. خاض الرئيس اليمني السابق، الذي اغتيل في الرابع من كانون الأول- ديسمبر 2017 داخل منزله في صنعاء، أربع حروب مع الحوثيين الذين صار اسمهم “أنصار الله” بعدما كانوا “الشباب المؤمن”. يرمز ذلك إلى تحوّل لدى هذا التنظيم في اتجاه التبعية الكاملة لإيران.

كانت الذكرى الـ35 لقيام “المؤتمر الشعبي العام”، قبل سنة من الآن، الفصل ما قبل الأخير في المواجهة مع طرف يعتبر أنّه قادر على إعادة كتابة تاريخ اليمن.

شكّل “المؤتمر” منذ البداية مظلة سياسية التقى تحتها سياسيون من مختلف الاتجاهات. كان هناك الإسلامي، كما كان هناك اليساري. وكان هناك القبلي في طبيعة الحال. كان “المؤتمر” مكانا لممارسة التعددية السياسية في إطار محدّد وشروط معيّنة حددها علي عبدالله صالح وذلك بعد أربع سنوات من توليه الرئاسة صيف العام 1978.

شكل “المؤتمر الشعبي العام” تجربة جديدة ومختلفة وكان في الوقت ذاته تحديا للوضع القائم في دولة الجنوب المستقلة حيث كان سعي إلى تثبيت نظام الحزب الواحد أكثر فأكثر، فيما كان تأسيس “المؤتمر الشعبي العام” خطوة نحو بعض الانفتاح السياسي نظرا إلى أنّ أحزابا واتجاهات عدّة تعايشت في ظلّه. لم يمنع ذلك كثيرين من القول إن “المؤتمر” كان منطلقا لتحقيق مكاسب ومغانم في مجتمع ذي طبيعة قبلية.

انتقل “المؤتمر” إلى أن يصبح حزبا سياسيا من نوع مختلف بعد الوحدة اليمنية في أيّار- مايو 1990 وقيام “التجمع اليمني للإصلاح”. شجع علي عبدالله صالح الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر على تأسيس “الإصلاح” كحزب إسلامي. كان الرجل الذي حكم اليمن ثلاثة وثلاثين عاما يهوى لعبة تقوم على الوقوف في الوسط والتفرّج على احتدام المنافسة بين “الإصلاح” (الإسلامي) و”الاشتراكي” الذي كان يحكم الجنوب والذي كان حزبا يساريا، أقلّه نظريا.

كان الفصل ما قبل الأخير من المواجهة بين عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح في الذكرى الـ35 لقيام “المؤتمر” الذي بقي السلاح الوحيد في يد علي عبدالله صالح بعد خروجه من السلطة وارتدائه ثوب “الزعيم”. كان الحشد في ميدان السبعين في صنعاء في الرابع والعشرين من آب – أغسطس 2017 اليوم الذي انكشفت فيه نقاط ضعف علي عبدالله صالح. كذلك، تكشفت نيات الحوثيين في ما يتعلّق بتطويقه تمهيدا للغدر به. استطاع “الزعيم” الإتيان بمئات الآلاف من المناطق المحيطة بصنعاء للمشاركة في المهرجان الذي أقيم في ذكرى تأسيس “المؤتمر”.

 أظهر قدرة كبيرة على الحشد الجماهيري، لكنه فشل في تحويل هذا الحشد إلى قوّة ضاغطة على “أنصار الله” الذين أجبروا علي عبدالله صالح عن طريق التهديد المباشر على اختصار حضوره في ميدان السبعين وعلى إلقاء خطاب مقتضب. مع حلول الليل وخروج القبائل من صنعاء لتعود إلى المناطق التي جاءت منها، تبين أن كلّ استثمارات “الزعيم” في تلك القبائل ذهبت أدراج الرياح. هناك من اشترى هذه القبائل ووظّفها في خدمة “أنصار الله”، أي المشروع الإيراني في اليمن.

لا حاجة إلى شرح كيف تطورت الأحداث وصولا إلى اغتيال “الزعيم” في بيته، بعد ثلاثة أشهر ونصف شهر، ثمّ تصوير الأمر وكأنّه حاول الفرار في اتجاه مأرب وأنّه قتل في أثناء هذه المحاولة. كلّ ما في الأمر أن عبدالملك الحوثي الذي ألقى خطابا يتشفّى به بعلي عبدالله صالح كان وراء من أمر بتصفيته بعد عملية تعذيب شملت قطع يديه وهو على قيد الحياة.

في السنة 2018، تمرّ ذكرى تأسيس “المؤتمر الشعبي العام” في غياب علي عبدالله صالح، هل لا يزال هناك مكان لهذا الحزب في اليمن أم أنّ “المؤتمر” انتهى مع علي عبدالله صالح؟ من الواضح أن الحزب تشظّى تماما مثلما تشظّى اليمن. على الرغم من ذلك، لا تزال هناك مجموعة تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من “المؤتمر”. حجتها أن الحزب “بدأ يستعيد قواه وإثبات أنّه عصي على التهجين متمسّكا بوصية علي عبدالله صالح”. تضيف هذه المجموعة أنّ “المؤتمر” تمكن من “صدّ محاولات الاجتثاث التي تعرّض لها من داخل اليمن وخارجه ويعدّ الآن لتشكيل قيادة تكاملية بين الداخل والخارج تضع برنامجا لإنقاذ البلد من كلّ أشكال التطرّف الديني والتعصّب المذهبي وتحفظ وحدة اليمن وتضع أسسا لعلاقة جديدة مع دول الجوار والمنطقة”.

لا شكّ أن نيات الذين يعملون في هذا الاتجاه صادقة. ولكن ماذا عن الوضع الداخلي في اليمن حيث لم تعد هناك وحدة وحيث ترسخ الشرخ الطائفي والمذهبي والمناطقي؟ ماذا أيضا عن الجهود التي يبذلها الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي الذي حضر حديثا إلى القاهرة والتقى مجموعة من القياديين “المؤتمريين” المقيمين فيها بهدف وضع اليد على ما بقي من “المؤتمر”؟ كان ملفتا أن الرئيس الانتقالي لم يحقق النتائج المتوخاة، لكنّ مجيئه إلى العاصمة المصرية من أجل لقاء قيادات حزبية يؤكّد أن “المؤتمر” لا يزال يمتلك أهمّية ما.

فوق ذلك كلّه، هناك قيادات “مؤتمرية” مهمّة مثل الشيخ صادق أمين أبوراس ويحيى الراعي، رئيس مجلس النوّاب، تقيم في مناطق سيطرة “أنصار الله”. لا تستطيع هذه القيادات لعب أي دور إيجابي في غياب أيّ هامش للحرية في المناطق الموجودة فيها.

هذا بعض مما يتعرّض له “المؤتمر” الذي لن تعود إليه الروح في ظلّ بقاء الوضع العسكري على حاله. بكلام أوضح، لن يتمكن “المؤتمر” الذي كان يمتلك في الماضي كلّ إمكانات الدولة اليمنية من إحداث اختراق ما ما دام “أنصار الله” يسيطرون على مناطق مهمّة في مقدّمها صنعاء وميناء الحديدة.

متى يحصل تغيير على الأرض، يعود هناك أمل في الاستفادة من “المؤتمر”. فمهما فعل عبدربّه منصور، لن يتمكن من أن يكون قائدا سياسيا يتمتع بشعبية في اليمن، خصوصا أنّ لا قاعدة له في المحافظة التي هو منها، وهي محافظة أبين الجنوبية.

في انتظار ذلك، يظل مفيدا التمتع بمقدار من التفاؤل والعمل على تشكيل قيادة جديدة تبني على ما بقي من رصيد للحزب الذي أسسه علي عبدالله صالح والذي يظل حزبا وسطيا يمتلك، نظريا، وجودا في معظم أنحاء اليمن. يكفي أنّه حزب يحاربه الحوثيون والإخوان المسلمون في الوقت ذاته كي يكون هناك مبرّر ما لوجوده في حال عاد هناك شيء اسمه اليمن الواحد الموحّد.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المؤتمر بلا علي عبدالله صالح المؤتمر بلا علي عبدالله صالح



GMT 15:25 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

السعودية وتركيا والزعامة

GMT 15:23 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

جهل أم حماقة أم جنون!

GMT 15:20 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أنفاق ونفاق

GMT 15:03 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يعنى «إيديكس 2018»؟!

GMT 15:01 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا حصدت السعودية فى قمة الأرجنتين؟

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

ديمة الجندي تسترجع ذكرياتها مع حاتم علي

GMT 07:47 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

مرتضى يتحدى الجبلاية ويفتح النار على جنش والخطيب

GMT 15:02 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"رولز رويس" تكشف مكانة السيارات في الستينات

GMT 16:27 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيتي بيري تعاني إدمان التسوق والتبذير

GMT 11:35 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يشبه Photoshop يصل الهواتف الذكية

GMT 18:22 2020 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني تمثل مصر في نهائي جي بي مورجان للاسكواش

GMT 19:15 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

«ملامح الخمسينيات»... مفردات تعكس حالة من الحنين للماضي

GMT 12:41 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حالات يجب فيها تغيير زيت محرك السيارة فورًا تعرف عليها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24