كلما عرفت اليمن أدركت كم تجهله
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

كلما عرفت اليمن.. أدركت كم تجهله

كلما عرفت اليمن.. أدركت كم تجهله

 العرب اليوم -

كلما عرفت اليمن أدركت كم تجهله

بقلم - خير الله خير الله

هناك معادلة سياسية في منتهى البساطة. تقوم هذه المعادلة على أنّ ليس لدى الحوثيين ما يقدمونه من أجل المساهمة في قيام سلطة مركزية في اليمن، وليس لدى "الشرعية" ما يمكن أن تسترضي به الحوثيين.

الضغط العسكري هو وحده الذي ينفع مع "أنصار الله"
هناك عودة إلى الطريق المسدود في اليمن، وهو طريق مسدود منذ فترة طويلة في غياب تغيير على الأرض تفرضه تطورات ذات طابع عسكري قبل أيّ شيء آخر. ولكن هل خرج اليمن يوما من الطريق المسدود الذي دخله منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء قبل أربع سنوات، يوم الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر من العام 2014 تحديدا؟

ليس معروفا بعد هل يمكن اعتبار فشل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث في عقد حوار مباشر أو غير مباشر بين “الشرعية” والحوثيين في جنيف دليلا على أنّه لا يعرف شيئا عن اليمن… أو أن الأمر يتعلّق برغبة في إطالة الحرب الدائرة في ذلك البلد البائس إلى ما لا نهاية؟ هناك من يتحدّث عن رغبة في مزيد من التفتيت لليمن كي لا تقوم له قيامة في يوم من الأيّام، علما أنّ الذين يلتقون مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة يؤكدون أن الأولوية بالنسبة إليه هي وقف القتال والتخفيف من عذابات اليمنيين.

توجدُ بالفعل أسئلة يطرحها يمنيون، بينهم من قابل غريفيث مرات عدّة، مرتبطة بقدرة الرجل على أداء الدور المطلوب منه. في النهاية هناك معادلة سياسية في منتهى البساطة. تقوم هذه المعادلة على أنّ ليس لدى الحوثيين (أنصار الله) ما يقدمونه من أجل المساهمة في قيام سلطة مركزية في اليمن، وليس لدى “الشرعية” ما يمكن أن تسترضي به الحوثيين. هؤلاء يؤمنون بأنّ لديهم حقّا إلهيا بحكم اليمن، إضافة إلى أنّهم لا يمتلكون قرارهم. القرار الحوثي خارج اليمن.

إنّه في إيران وليس في أيّ مكان آخر. لذلك لا خيار آخر لدى “الشرعية” غير تغيير الوضع على الأرض في حال كان مطلوبا الوصول إلى مرحلة يمكن فيها التفاوض مع “أنصار الله” من أجل وضعهم في الخانة التي يجب أن يكونوا فيها وجعلهم يأخذون حجمهم الطبيعي.

 ليس هناك إلى الآن سبب واضح يبرر فشل انعقاد الحوار الذي دعا إليه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في جنيف في السادس من أيلول – سبتمبر الجاري باستثناء أن الرجل لا يعرف من هم “أنصار الله” وما التجارب التي مرّ بها اليمن في السنوات القليلة الماضية. ليس معروفا كيف يمكن لمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة الدعوة إلى لقاء في جنيف من دون ضمانات من المشاركين، ومن دون تأمين كلّ الشروط لوصول هؤلاء إلى المدينة السويسرية.

كان مفترضا في غريفيث أن يطرح منذ البداية ما الفائدة من لقاء بين الحوثيين و”الشرعية” في وقت ليس لدى الحوثيين ما يقدمونه أو يطرحونه على الطرف الآخر. إذا كان مطلوبا التوصل إلى تبادل للأسرى، فمثل هذا الأمر لا يحتاج إلى لقاء في جنيف، بل يمكن التفاوض بطريقة غير مباشرة بين الطرفين بغية التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن.

يصبّ كلّ ما يجري في اليمن هذه الأيام في اتجاه إطالة الحرب الدائرة. الملفت أنّ منطقة سيطرة الحوثيين خالية من أي حراك داخلي، على الرغم من أن وضع المواطنين المقهورين في حال يرثى لها على كل المستويات. كان علي عبدالله صالح الوحيد الذي حاول زعزعة السيطرة الحوثية على صنعاء. كانت النتيجة أنّهم غدروا به في الرابع من كانون الأوّل – ديسمبر 2017 وأسكتوا بذلك كل صوت يعترض على سلوكهم بالحديد والنار. أكثر من ذلك أخذوا اثنين من أبنائه، هما صلاح ومدين رهائن مع آخرين من أفراد العائلة… كما يرفضون إلى الآن تسليم جثمانه إلى ذويه!

في وقت تبدو فيه الحاجة ملحّة إلى إعادة تشكيل “الشرعية” لتكون في مستوى الأحداث، ليس في استطاعة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تجاهل بعض البديهيات، اللهمّ إلا إذا كان بدأ يقتنع بأنّه يقوم بمهمة مستحيلة. في مقدّم هذه البديهيات أنّ الحوثيين لا يريدون التفاوض إلا استنادا إلى شروط معيّنة لا يستطيع أي طرف يمني آخر تلبيتها أو القبول بها. الأهمّ من ذلك كلّه، أن “أنصار الله” ليسوا في وارد الأخذ والرد إلا في شأن أمر واحد هو تثبيت القبول بهم كأمر واقع في شمال اليمن بعد فشلهم في التمدد جنوبا وصولا إلى عدن.

إذا أخذ مارتن غريفيث هذه البديهية في الاعتبار، فضلا عن الاستفادة من تجارب المبعوثيْن اللذين سبقاه وهما جمال بنعمر وإسماعيل ولد الشيخ أحمد، لا يعود مفرّ من الوصول إلى نتيجة واحدة. تتمثّل هذه النتيجة في أنّ الضغط العسكري هو وحده الذي ينفع مع “أنصار الله”. لولا الضغط العسكري الذي مارسه “التحالف العربي” منذ آذار – مارس 2015، لكان الحوثيون الآن في المكلا وعدن والمخا ومناطق أخرى.

من هذا المنطلق، كان من الخطأ ممارسة ضغوط دولية من أجل وقف معركة الحديدة… هذا إذا كان مطلوبا في نهاية المطاف التفاوض مع الحوثيين الذين لا ينكر أحد أنّهم جزء من النسيج اليمني. هذا لا يعني في طبيعة الحال أنّهم اليمن كلّه أو أنّهم يمثلون كلّ شمال اليمن. فبعد استيلائهم على صنعاء وممارساتهم ذات الطابع الغريب عن البلد، لن يتمكنوا في يوم من الأيّام من أن يكونوا الفريق المهيمن على أبناء المذهب الشافعي الذين يشكلون الأكثرية في اليمن، خصوصا في المناطق الوسطى والمحافظات الجنوبية.

كانت مشكلة اليمن، في جانب منها، إلى ما قبل فترة قصيرة، أن ليس في الإمكان التفاوض مع الجانب الحوثي. الحوثيون تابعون لإيران من جهة وإيمانهم، من جهة أخرى، بأنّهم جاؤوا إلى صنعاء قبل أربع سنوات من أجل إقامة نظام جديد يحيي النظام الإمامي الذي كان قائما قبل السادس والعشرين من أيلول – سبتمبر 1962.

فاقم المشكلة عجز المبعوث الأممي عن التعاطي مع الواقع اليمني كما هو وليس كما يتصوره هو. فاليمن ليس بلدا عاديا وطبيعيا تنطبق عليه المقاييس التي يمكن أن تنطبق على بلدان أخرى. الأهم من ذلك كلّه أن الحوثيين ليسوا طرفا يمكن التفاوض معه والتوصل إلى اتفاقات قابلة للتطبيق.

من يحتاج إلى دليل على ذلك يستطيع العودة إلى “اتفاق السلم والشراكة” الذي وقّعه الحوثيون مع “الشرعية” بعد إحكام قبضتهم على صنعاء في خريف العام 2014. لم تمض أيام إلا ووضعوا الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي في الإقامة الجبرية بعد إجباره على الاستقالة. حصل ذلك، علما أن الاتفاق وقع برعاية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وقتذاك، وحضوره، شخصيا، حفلة التوقيع. أمّا المثل الآخر على مدى احترام الحوثيين للاتفاقات فهو مصير علي عبدالله صالح الذي أقام شراكة سياسية معهم…

إذا كان مارتن غريفيث يعتقد أنّ اليمن بلد طبيعي، من الأفضل أن يستعين بما يقوله الذين لديهم خبرة سنوات مع هذا البلد وأمضوا أياما طويلة فيه منذ ما يزيد على ثلاثين عاما. يقول هؤلاء: كلما عرفت اليمن، كلّما أدركتَ كم أنك تجهله!

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلما عرفت اليمن أدركت كم تجهله كلما عرفت اليمن أدركت كم تجهله



GMT 09:20 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عن «معارضة الخارج»

GMT 09:18 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حرب أكتوبر المجيدة تحقق كل أهدافها

GMT 09:16 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ضباط المخابرات.. الشهداء الأحياء

GMT 09:15 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات.. صدارة بقوة شبابها

GMT 09:14 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

بين ترامب وإيران… ما ذنب لبنان

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

ديمة الجندي تسترجع ذكرياتها مع حاتم علي

GMT 07:47 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

مرتضى يتحدى الجبلاية ويفتح النار على جنش والخطيب

GMT 15:02 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"رولز رويس" تكشف مكانة السيارات في الستينات

GMT 16:27 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيتي بيري تعاني إدمان التسوق والتبذير

GMT 11:35 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يشبه Photoshop يصل الهواتف الذكية

GMT 18:22 2020 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني تمثل مصر في نهائي جي بي مورجان للاسكواش

GMT 19:15 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

«ملامح الخمسينيات»... مفردات تعكس حالة من الحنين للماضي

GMT 12:41 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حالات يجب فيها تغيير زيت محرك السيارة فورًا تعرف عليها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24