روحاني حمامة سلام
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

روحاني حمامة سلام!

روحاني حمامة سلام!

 العرب اليوم -

روحاني حمامة سلام

بقلم : خير الله خير الله

شيئا فشيئا، تقترب إيران من ساعة الحقيقة. لا تستطيع الاستمرار في مشروعها. جرّبت حظها مع إسرائيل، فكانت النتيجة المعروفة التي تمثلت في تدمير ممنهج لكلّ القواعد والمراكز العسكرية التي أقامتها في سوريا.

إذا كانت إيران تريد لعب دور إيجابي في المنطقة، عليها التوقّف عن المتاجرة بالقضيّة الفلسطينية أوّلا

السؤال في غاية البساطة. إذا كانت إيران لا تبحث عن أي توتر في المنطقة، على حدّ تعبير رئيس الجمهورية فيها حسن روحاني، فما الذي تفعله في لبنان حيث الميليشيا المذهبية التي في إمرتها تسرح وتمرح وصولا إلى خطف الطائفة الشيعية واعتبارها رهينة لديها؟

لندع لبنان جانبا، ما الذي تفعله في سوريا حيث لم تعد تتجرأ على إعلان مسؤولياتها عن إطلاق صواريخ في اتجاه مواقع إسرائيلية في الجولان المحتل؟ لماذا هي شريكة في الحرب على الشعب السوري من منطلق مذهبي بحت؟ ما الذي تفعله في العراق عن طريق ميليشياتها المذهبية التي تسعى إلى الحلول مكان المؤسسات الأمنية الهشة التابعة للدولة؟

ما الذي تفعله في البحرين حيث تحرّض على تقسيم المجتمع وشن حرب داخلية في تلك المملكة الصغيرة؟ ما الذي تفعله في اليمن الذي تحول شماله إلى قاعدة إيرانية تستخدم لإطلاق صواريخ باليستية في اتجاه الأراضي السعودية؟ ما الذي تفعله في غزّة غير الاستثمار في استمرار الحصار الإسرائيلي على شعب بات محروما من الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم؟ ما الذي فعلته في الماضي من أجل إيصال الشعب الفلسطيني إلى الطريق المسدود الذي وصل إليه عبر الاستثمار في العمليات الانتحارية منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، خصوصا في مرحلة ما بعد اتفاق أوسلو؟

مرّة أخرى المشكلة مع إيران لم تكن يوما في ملفّها النووي. كان هذا الملفّ في كلّ وقت ذريعة من أجل التغطية على مشروع توسّعي لدى نظام لا يمتلك أيّ مشروع آخر من أيّ نوع يقدّمه، لا لشعبه ولا لمحيطه في المنطقة. إنّه نظام في حال هروب مستمرّة إلى خارج حدوده. نظام يحاول إيهام دول المنطقة أنه قوة إقليمية يحقّ لها امتلاك وجود في كلّ بقعة من بقاع الشرق الأوسط والخليج وشبه الجزيرة العربية، وصولا إلى شمال أفريقيا.

لم يدعُ روحاني إلى الاستقرار في المنطقة إلا بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل التي كانت المستفيد الأول من السياسة الإيرانية في المنطقة. في كل يوم يمر، تقدم إيران هدية جديدة لإسرائيل الساعية إلى تكريس احتلالها للضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. رفعت إيران، بعد انتصار الثورة فيها ورحيل الشاه، شعار “تحرير القدس”. كان ذلك في العام 1979. بعد تسعة وثلاثين عاما، يتبيّن أن كل ما فعلته إيران صبّ في تقديم القدس على صحن من فضّة إلى إسرائيل. كيف ذلك؟ في ظلّ التهديدات الإيرانية بتدمير إسرائيل، انتقلت السفارة الأميركية إلى القدس. مؤسف أن لا اعتراض دوليا ومحليا على ذلك، بعدما بدأ كلّ مجتمع عربي يشعر بعمق التهديد الإيراني الذي بات مسألة حياة أو موت بالنسبة إليه.

إذا كانت إيران تريد بالفعل لعب دور إيجابي في المنطقة، كلّ ما عليها عمله هو القيام بمراجعة للذات والتوقّف عن المتاجرة بالقضيّة الفلسطينية أوّلا. من الصعب على القيادة الإيرانية الاعتراف بالواقع وبأنها تستطيع الانتصار على الشعب العراقي وعلى الشعب السوري وعلى الشعب اللبناني وعلى الشعب الفلسطيني، وبأنّ كلّ انتصاراتها هذه، إنّما ربح خالص لإسرائيل. أكثر من ذلك، ليست هذه الانتصارات الإيرانية سوى سلسلة من الكوارث تحلّ بالبلد الذي يصبح فيه وجود من أيّ نوع لإيران.

كان على إيران أن تُطلق بضعة صواريخ في اتجاه مواقع إسرائيلية في الجولان المحتلّ إنقاذا لماء الوجه. كشفت هذه الصواريخ أنّ إسرائيل تمتلك قدرة على الردّ جعلت روحاني يتحوّل فجأة إلى حمامة سلام مستنجدا بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أجل المحافظة على الاتفاق في شأن الملفّ النووي الموقع مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا في صيف العام 2015.

من قال إن أوروبا مهتمّة بالفعل بالمحافظة على الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني الذي قرّر الرئيس دونالد ترامب الانسحاب منه قبل أيام قليلة. أوروبا مع الاتفاق شرط توسيعه. ماذا يعني توسيع الاتفاق، أي إعادة النظر في بنوده؟

كان هذا الاتفاق منذ البداية اتفاقا ناقصا. لم يرد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي دفع في اتجاه التوصل إليه، سماع أي كلمة عن ضرورة أن يشمل الاتفاق سلوك إيران خارج حدودها. على العكس من ذلك، تغاضى عن كلّ ما تفعله إيران وترتكبه من جرائم في سوريا وقبل ذلك في العراق وفي كلّ وقت في حقّ لبنان واللبنانيين. من يتذكر كيف أن أوباما تجاهل كل الخطوط الحمر التي وضعها لإيران والنظام السوري، خصوصا بعد استخدام السلاح الكيميائي في صيف العام 2013؟ كان مطلوبا السكوت عن كل ما يزعج إيران في تلـك المرحلة بهـدف تسهيل الوصول إلى الاتفاق في شأن الملف النووي. دفع آلاف السوريين من دمهم ثمن هـذا الاتفاق وذلك كي يتمكن السيد أوباما من القول إنه حقّق شيئا خارج حدود الولايات المتحدة في عهده.

تبدو عملية التفاوض مجددا من أجل توسيع الاتفاق في شأن الملف النووي أسوأ من الانسحاب الأميركي من الاتفاق. يعود ذلك إلى أن إيران مستعدة لكل شيء من أجل البقاء في سوريا وغير سوريا.

شيئا فشيئا، تقترب إيران من ساعة الحقيقة. لا تستطيع الاستمرار في مشروعها. جرّبت حظها مع إسرائيل، فكانت النتيجة المعروفة التي تمثلت في تدمير ممنهج لكلّ القواعد والمراكز العسكرية التي أقامتها في سوريا. لكنّ ما لا بد من الاعتراف به في الوقت ذاته أنّ إيران في مأزق حقيقي على الرغم من قدرتها الكبيرة على التدمير في هذه الدولة العربية أو تلك. يتمثل هذا المأزق الحقيقي في أنه ليس مقبولا أن تبقى في سوريا. هذا كل ما في الأمر. كيف يمكن لإيران الانسحاب من سوريا من دون سقوط النظام في طهران؟

يدور النظام الإيراني في حلقة مقفلة. لا يستطيع الانسحاب من سوريا ولا يستطيع الدخول في مواجهة مع إسرائيل. فوق ذلك كلّه لا تبدو روسيا متحمّسة لبقائه في دمشق، وليس ما يشير إلى أن موقف الرئيس فلاديمير بوتين بعيد عن الموقف الإسرائيلي. إنّه المأزق الإيراني الذي يمكن للأسف الشديد أن يقود إلى انفجار كبير في وقت يعرف كلّ مسؤول في طهران، خصوصا “المرشد” علي خامنئي أن “الجمهورية الإسلامية” التي أسسها آية الله الخميني لا تمتلك غير الهرب إلى خارج أرضها لتغطية البؤس الذي يعيش في ظله الإيرانيون.

مرّة أخرى، لا تستطيع إيران أن تكون دولة طبيعية في المنطقة. لعبت كلّ الأدوار المطلوبة منها إسرائيليا لتجد نفسها في نهاية المطاف أمام خيار مستحيل هو خيار العودة إلى الاهتمام بشؤون شعبها. قد تفضل الانفجار الكبير، على الأرجح، على هذه العودة القاتلة.

المصدر : جريدة العرب

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روحاني حمامة سلام روحاني حمامة سلام



GMT 20:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

المتظاهرون يريدون عراقا عادلا ووطنا قويا ناهضا

GMT 13:35 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس العراقي في الرياض

GMT 13:33 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

لا أمل ولا سلام بدون أُفق سياسي للقضية الفلسطينية

GMT 13:30 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

من مفكرة الأسبوع

GMT 13:27 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن نبدأ: فصل جديد في جريمة خاشقجي

GMT 15:17 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 14:56 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 16:42 2020 الأحد ,01 آذار/ مارس

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 08:55 2019 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

موسكو تعلق على "موت" المفاوضات بين واشنطن وطالبان

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 17:40 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

BMW تعيد السيارات الهجينة من جديد بطرح "E 330 " تعرف عليها

GMT 10:21 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

"جبهة النصرة" تعلن الحرب على الجيشين الروسي والسوري

GMT 11:33 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش المصري يفتتح مجمعًا حضاريًا متكاملًا في وسط سيناء

GMT 16:56 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الخارجية البريطاني يلتقي بنظيره السويسري

GMT 21:27 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

طريقة سهلة وبسيطة لإعداد بان كيك بالشوكولاتة

GMT 04:22 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ارتفاع وتيرة تفشي كورونا في مناطق شمال شرقي سورية

GMT 12:51 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24