أسامة الرنتيسي
بيان وزير الصحة ليلة الاثنين جاء مُختَصرا جدا، بالكلمات والأرقام، فلم يُسجَّل بحمد الله سوى 4 حالات جديدة، شفي أكثر من ضعفها، وتم الإعلان بعشرِ كلمات عن وفاة سادسة.
هذه الليلة كان الارتباك في الجو العام فظيعا، فقصة وفاة أبو حمور “عليه رحمة الله” في مدينة السلط كانت مفاجئة، نُقلت برسائل متباينة صوتية ومعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقرار مدير صحة البلقاء بتحريك خمسَ فرق لتقصي مخالطي الحالة زادت الإرباك إرباكا.
الوفاة بكل التقديرات كانت غريبة، فالمرحوم كان قد راجع مستشفى السلط مرتين وراجع طبيبًا قريبا له، وراجع مستشفى خاص في عمان ولم يُسجّل أنه خالط مصابين، وتبيّن بعد ان توفّاه الله أنه مصاب بالكورونا، وربما تكون النتيجة قد ظهرت مصادفة، فكيف سيتم تحديد كل من خالط المرحوم في الأيام الماضية.. الله يستر.
صبحي.. موظف إحدى سلسلة الصيدليات الكبرى في الأردن، وبتسجيلات عديدة من مالك الصيدليات أوضح أن والد صبحي توفي بالكورونا ولم يعلم رفاقه وأصدقاؤه عن سبب وفاته، وعندما عاد صبحي إلى عمله قابل زملاءه الذين قدموا له التعازي بالأحضان، وهم لا يعرفون أنه خالط والده المريض بالكورونا، وقد يكون هو أيضا لا يعرف، وتبين بعد ذلك أنه من سكان عمارة في ضاحية الرشيد.
حالتان حجم المخالطة فيهما واسع جدا، ولا يمكن حصر الأعداد التي خالطتهما، إلا إذا بادر كل شخص يعرف المرحوم أبو حمور الذي كان يعمل في أحد فنادق عمان، وكان وجها مبتسما دائما أمام الفندق، يعرفه كثير من رواد الفندق ويتذكرون ابتسامته الساحرة، كما أن أخونا صبحي موظف الصيدلية يعمل في المستودعات ويتعامل مع كثير من الناس من خلال عمله، وكل الذين يعرفون صبحي او شاهدوه في الأيام الماضية عليهم واجب الذهاب الى المستشفيات وإجراء الفحص، حتى يتم التمكن من حصر المخالطين قدر الإمكان.
الحالتان؛ ليس فيهما حالة تَقصّد بالإخفاء، قد يكون الاهمال وهذه هي الثقافة المرضية لدينا، فكل منا لا يزال يعتقد أن الحرارة والرشح نتيجة انفلونزا عادية، فلا أحد يلوم أحدا، وعلى الجهات المعنية في فكرة الحجر المنزلي ، وحظر التجول المتدرج والشامل أن تعيد النظر بالاجراءات الأكثر نفعا، لأنه ثبت من المستحيل أن تسيطر على حركة الناس، وحركة التواصل بينهم، بمجرد الدعوة والتوعية.
نحتاج إلى إجراءات جديدة، للتعامل مع الوباء، لكن نقاط البؤر أصبحت كثيرة، ومحاصرتها على طريقة فرق الاستقصاء عندنا تستحيل السيطرة عليها.
لنبقى في البيت ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ونضاعف الدعوات أن يرحمنا الله ويرحم الإنسانية عموما من هذا الوباء الحقير غير المفهوم أبدا…
الدايم الله…
أرسل تعليقك