عرض حال
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

عرض حال

عرض حال

 العرب اليوم -

عرض حال

بقلم - عريب الرنتاوي

لا شيء بات مقعناً للأردنيين، لا فكرة ولا مشروعا، لا خطابا ولا محاضرة، لا مسؤولا ولا مسؤولة، تفشت حالة انعدام الثقة إلى حد بات مثيراً للقلق ... كل فكرة وكل خطاب، يتحول بعد دقائق معدودات، إلى مادة للسخرية والتندر، وكل مشروع أو تصور للمستقبل، بات يثير مزيداً من التشاؤم... وكل مبادرة، صغيرة كانت أم كبيرة، باتت تسقط في مهدها لفرط تشكيكنا وتشاؤمنا ... والويل والثبور لمن يزل لسانه، أو يخطئ في رقم أو معلومة، عندها ستنطبق سماؤه على أرضه.
روح اليأس والإحباط تفشت كما لم يحدث من قبل، وتنذر بإقعادنا عن أي عمل مفيد ... نذهب متثاقلين إلى أشغالنا، وننتظر الأيام السوداء التي لم تأت بعد ... الأفق مسدود والأبواب موصدة ... ومع كل إطلالة على وسائل التواصل الاجتماعي تزداد كآبة، وتفقد الرغبة في استقبال نهار جديد.
لست شديد التفاؤل ببرنامج الحكومة وطاقمها، ولست أعتقد بأن محاضرة الرئيس في الجامعة، ستخرج الأردن من «عنق الزجاجة» أو من «الدائرة المغلقة» ... لكنني اشتم رائحة رغبة حقيقية في فعل شيء، أي شيء، لاستعادة الثقة واستنهاض الروح المعنوية، والتفكير بإحداث فرق ... لكن من يقرأ التعليقات والردود على المحاضرة، وما تلاهما من شروحات وتوضيحات، قام بها الوزراء، يلحظ بسهولة أن شيئاً لم يتغير، وأن فرقاً لم يحدث.
لا أدري من أين نأتي برئيس وطاقم يمكن أن يحدثا فرقاً، وكيف؟ ... لا أدري أي برنامج أو خطاب يمكن أن يستنهض الجمهور ويعيد الأمل إلى الوجوه العابسة واليائسة ... لست ألوم الأردنيين، ولكن ثمة شعوب من حولنا مرت بأصعب مما مررنا به، وأشد هولاً، ولم تفقد الثقة بالمستقبل، ولم تنزلق إلى هذا المستوى من التشاؤم ... ما الذي جرى وكيف وصلنا إلى هذا الدرك؟ ... لا أعرف.
ثمة روح استسلام ونزعة «قَدَريّة» تهيمن على تفكيرنا وخطابنا ... نحن ذاهبون إلى «المسلخ»، أياً كان اسمه، الهاوية أم «صفقة القرن»، شئنا ذلك أم أبينا ...  مستقبلنا مرسوم ومقرر سلفاً، وكل ما يجري هو «تدويخ» لنا، لكي نقبل صاغرين ما يحاك لنا ... لكأننا لسنا ذوات فاعلة، ولا دور لنا في رسم مستقبلنا وتقرير مصيرنا .... «جاية جاية»، هكذا هو لسان حالنا، حتى من دون أن نكلف أنفسنا عناء التفكير بما سيأتينا وكيف وما الذي يتعين فعله.
من مستنقع اليأس ذاته، تنطلق نظريات «ثورية»، أو تُستعاد مثل هذه النظريات من بطون الكتب والتجارب المخفقة ... ظاهرها فيه الثورة، وباطنها معجون باليأس والإحباط ... لا مستقبل لنا سوى مع سوريا وإيران وحزب الله، محور المقاومة ... ولا بديل عن حرب الشعب طويلة الأمد أسلوباً .... وعلينا أن نقلب الطاولة على رؤوس إسرائيل والولايات المتحدة والغرب والمجتمع الدولي إن اقتضت الضرورة ... ولا أدري إن كان أصحاب هذه النظريات قد فكّروا ملياً في مالاتها، بل وفي مالات «الحلفاء المقترحين» الذين يتعين علينا أن نستبدلهم بحلفائنا القدامى.
النظرتان السابقتان، ليستا سوى وجهين للعملة ذاتها: اليأس والإحباط ... وهما تدلان على عمق انعدام الثقة بخياراتنا وأوضاعنا، براهننا ومستقبلنا .... أما التفكير بواقعية وعقلانية، فيعرض صاحبه لفيض من الاتهامات: «انعدام الصلة»، التملق، «التسحيج» و»النيوليبرالية».
لا يمنعنا تفشي «انعدام اليقين» في عقولنا من أن ننبري لخوض المعارك الشرسة ضد من يخالفنا الرأي، مع أننا لسنا متأكدين من صحة رأينا، أو أي رأي آخر ... ننفس عن غضبنا وإحباطنا بمعاركنا الجانبية، اللفظية منها وحتى الجسدية ... نتشوُق لقصة جديدة حتى نتوقف عن «لوك» قصصنا القديمة التي عادة ما تكون قد أشبعت بحثا و»تقليباً» من مختلف جوانبها ... نخترع القصص ونعيد انتاجها إن لم نستيقظ على فاجعة جديدة، وهكذا نقضي نهاراتنا ومساءاتنا.
لست ألوم أياً منّا عمّا آل إليه حالنا ... ألوم أساساً حتى لا أقول «حصراً» حكوماتنا المتعاقبة، التي جوفتنا وأفرغت حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية من أي مضمون أو محتوى ... ولست أقلل من حجم الأزمات والتحديات التي تعتصرنا، فهي حاضرة وخطيرة وذات طبيعة استراتيجية، داخلية كانت أم خارجية ... ولكن من قال إن الشكوى والتذمر، السباب والشتيمة، اليأس والإحباط، يمكنها أن تساعدنا في الخروج من «عنق الزجاجة/الحلقة المفرغة»؟ ... من قال إن «السوداوية» هي الحل؟ 
لا وصفة سحرية لديّ أقترحها على أحد، خارج إطار «نظرية نصفي الكأس» ... دعونا دوماً نرى نصفي الكأس، الممتلئ والفارغ ... لا حاجة لنا بتجاهل أي منهما، أقله حتى نستطيع الاستمرار في يومياتنا وحيواتنا، وحتى لا نفقد القدرة على الأمل والرجاء، ونضيع الحافز للعمل والإنتاج والتغيير، وحتى لا نصاب بإعاقة مزمنة لا يصلح معها أي مشروع أو برنامج.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عرض حال عرض حال



GMT 09:20 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عن «معارضة الخارج»

GMT 09:18 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حرب أكتوبر المجيدة تحقق كل أهدافها

GMT 09:16 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ضباط المخابرات.. الشهداء الأحياء

GMT 09:15 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات.. صدارة بقوة شبابها

GMT 09:14 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

بين ترامب وإيران… ما ذنب لبنان

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:09 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

ديمة الجندي تسترجع ذكرياتها مع حاتم علي

GMT 07:47 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

مرتضى يتحدى الجبلاية ويفتح النار على جنش والخطيب

GMT 15:02 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"رولز رويس" تكشف مكانة السيارات في الستينات

GMT 16:27 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيتي بيري تعاني إدمان التسوق والتبذير

GMT 11:35 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يشبه Photoshop يصل الهواتف الذكية

GMT 18:22 2020 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني تمثل مصر في نهائي جي بي مورجان للاسكواش

GMT 19:15 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

«ملامح الخمسينيات»... مفردات تعكس حالة من الحنين للماضي

GMT 12:41 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حالات يجب فيها تغيير زيت محرك السيارة فورًا تعرف عليها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24