لماذا الكويت
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

لماذا الكويت؟

لماذا الكويت؟

 العرب اليوم -

لماذا الكويت

بقلم : عريب الرنتاوي

تحظى الكويت بمكانة مقدرة ومتميزة عند الأردنيين، ملكاً وحكومة وشعباً، نقول ذلك بعد تردد وخروج على عادتنا في تناول بعض الأنظمة والحكومات العربية، وبلا زلفى ولا ملقا، ولذلك أسباب عدة، بعضها تاريخي – متراكم وبعضها الآخر راهن - متحرك:
أولاً: ليس للكويت أجندات تدخلية أو توسعية، لا تسعى للهيمنة، ولا تقود محوراً ضد محاور أخرى، بل هي تسعى في الإفلات من قبضة المحاور الإقليمية المتصارعة... ليس للكويت حلم (اقرأ وهم) الاضطلاع بدور عابر للأقطار والقارات، ولا هي مهتمة بالحصول على «وكالة حصرية» من واشنطن أو موسكو، ولا من طهران أو أنقرة، للقيام بأدوار تتعدى حدود الجغرافيا والديموغرافيا... تلكم هي الكويت من قبل (الغزو) ومن بعد.
ثانياً: تعتمد الكويت في سياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية استراتيجية «القوة الناعمة»، بأدواتها المختلفة، منذ مجلة «العربي» و»عالم المعرفة» مروراً بصناديق التنمية والاستثمار، وانتهاء بدبلوماسية «رجل الإطفاء».... ليست لديها قراءات فلسفية / عقائدية / دينية / مذهبية خاصة، تسعى في ترويجها أو كسب التأييد لها... ليس لديها خصوم دائمون تسعى لنزع البسط من تحت أقدامهم... ليس لديها ميليشيات من أي نوع، تتولى دعمها وتسليحها وتجهيزها للانقضاض على خصومها وتقويض أعمدة السيادة والأمن والاستقرار في دول عدة.
ثالثاً: للكويت موقف ثابت من القضية الفلسطينية بوصفها قضية العرب المركزية الأولى، بل وقضية الكويت المركزية الأولى... أميرها المخضرم، أو حكيمها كما يفضل الكويتيون وكثير من الخليجيين وصفه، لا يترك مناسبة دون التذكير بمركزية هذه القضية (آخرها شرم الشيخ)، ومجلس الأمة رئيساً وأعضاء، يتصدرون الصفوف في كافة المحافل ذوداً عن الحق الفلسطيني ورفضاً للتطبيع مع إسرائيل... والموقف المبدئي الموجهة للسياسة الكويتية حيال الصراع العربي الإسرائيلي يقول: «الكويت آخر دولة عربية تطبع مع إسرائيل».... والرأي العام الكويتي وحده، كفيل بالتصدي لبعض الأصوات النشاز التي تصدر هنا وهناك، مروّجة لتطبيع رخيص ومجاني مع كيان الاحتلال والاستيطان والعنصرية... مع أن كثيرين، ومنهم كاتب هذه السطور، كانوا يخشون أن تصاب السياسة الكويتية بانتكاسة (أو انقلاب) جراء غزو العراق لها، ومواقف بعض الأطراف العربية في تلك المحطة المدمرة في تاريخ المنطقة المعاصر، وهو ما لم يحدث، إذ تم تجاوز تداعيات العزو بأسرع مما ظننا وظن كثيرون غيرنا.
رابعاً: للكويت دور تاريخي متواصل في «إطفاء الحرائق» وعدم التورط في إشعال الأزمات، بل وفي السعي الدؤوب لاحتوائها والعمل على حلّها... ومن يرجع لتاريخ الكويت منذ مطلع سبعينات القرن الفائت وحتى اليوم، يرى أنها ظلت تبذل الجهود الموصولة لرأب الصدع وتجسير الفجوات... اليوم، وسيراً على مألوف سياستها الخارجية، تسعى الكويت في التوسط لحل الأزمة الخليجية، وتفتح ذراعيها لمختلف أفرقاء الحرب المدمرة في اليمن، ولا تكف عن بذل أي جهد ممكن في أي أزمة، لتسهيل حلها والتخفيف من أعبائها وتداعياتها.
خامساً: وللكويت سياسة متوازنة في سياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية، تتفهم مصالح أقرب أشقائها وحلفائها، من دون أن تتماهى معهم، أو أن تجاريهم فيما يسعون إليه... تحتفظ بعلاقات متوازنة ما أمكن مع معظم أفرقاء الصراعات والأزمات المفتوحة... عضو فاعل في مجلس التعاون، وعلاقاتها طبيعية مع إيران وتركيا، وصديقة مقربة من واشنطن فيما علاقاتها مع موسكو جيدة، وصلاتها بالصين أكثر من حميمية، الأمر الذي يشكل شبكة حماية دولية وإقليمية لهذا البلد الخليجي، ويساعدها على الاضطلاع بأدوار لا تمتلك دول عربية عديدة القدرة على القيام بها.
سادساً: ولأن السياسة الخارجية امتداد للسياسة الداخلية، كما يقول بعض فقهاء علم السياسة، فإن التوازن والاتزان في السياسة الخارجية الكويتية، هو ثمرة سياسة أكثر توازناً وأشد اتزاناً في الداخل الكويتي، فثمة برلمان فاعل ونشط، وجمعيات سياسية معبرة عن مختلف التيارات، وديوانيات تشكل عنواناً لتجربة كويتية خاصة، والأهم ثمة رعاية على أرفع المستويات، لمختلف الكيانات والمكونات التي يتشكل منها الشعب الكويتي، ولذلك رأينا هذا البلد المحاط بأقواس من الازمات، ينجو من «فتنة الصراع السني – الشيعي»، «الإسلامي – العلماني»، «السلفي – الإخواني»، وأن يحافظ على أمنه واستقراره، والأهم على سلمه الأهلي وسلامة نسيجه الاجتماعي.
سابعاً: وفي البعد الثنائي الأردني – الكويتي، يكفي أن نستذكر قول الأمير – الحكيم، بأن بلاده لن تقف متفرجة على الأردن والأردنيين، من دون أن تحرك ساكناً، فيما الأزمة الاقتصادية والمالية تعتصر هذا البلد الشقيق... ومن يراجع تطور العلاقات الثنائية بين البلدين في السنوات الأخيرة، لن يجد صعوبة في إدراك كنه العلاقات المتميزة بين عمان والكويت، ولن يتفاجأ حين يسمع من أرفع مراكز صنع القرار الأردني عبارات التقدير والامتنان للوقفة الكويتية الأخوية مع الأردن.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الكويت لماذا الكويت



GMT 16:13 2021 الخميس ,18 آذار/ مارس

بعض الأخبار من مصر وايران وفرنسا

GMT 19:04 2021 الإثنين ,15 آذار/ مارس

البابا فرنسيس في العراق

GMT 20:02 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 19:25 2021 الثلاثاء ,09 آذار/ مارس

ليبيّات فبراير والصوت النسائي

GMT 20:13 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 09:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 14:20 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

كن دبلوماسياً ومتفهماً وحافظ على معنوياتك

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 17:07 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 12:59 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 04:49 2019 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:04 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فخامة الألوان القاتمة في غرف النوم

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

اللاذقية ضبوط تموينية بحق 4 محطات وقود مخالفة

GMT 11:07 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

عمر البشير يُصارع من أجل البقاء وسط احتجاجات تُطالب برحيله

GMT 17:38 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

إطلاق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين في الخرطوم

GMT 05:20 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيم كارداشيان و لايفلي تتألقان بالفضي في "فيرساتشي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24